قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « تداووا فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء » . وقال صلى الله عليه و سلم : « ما أنزل الله داء إلا وله دواء ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله » . وسئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الدواء والرقي هل يردان شيئًا من قضاء الله تعالى ؟ قال : « هما من قدر الله تعالى » . وقال عبد الله بن عكرمة : عجبت لمن يحتمي من الطعام خوف الداء ، ولا يحتمي من الذنوب خوف النار . و قيل : إن الربيع بن خثيم لما مرض قالوا له : ألا ندعو لك طبيبًا ؟ فقال لهم : إن مرضي من الطبيب ، وأنه متى أراد عافاني ، ولا حاجة لي بطبيبكم ، وأنشد :
فـأصـبـحــت لا أدعــو طـبـيـبًــا لـطـبـه .... ولـكـنـنـي أدعــوك يــا مـنــزل الـقـطــر
وعاد الفرزدق مريضًا فقال :
يـا طـالــب الـطّــب مــن دَاء تَـخــوِّفـــه .... إن الـطـبـيـــب الــذي أبــلاك بــالـــدَّاء
فـهــو الـطـبـيـب الـذي يُـرجى لـعـافـيـة .... لا مــن يُــذيــبُ لــك الـتـريــاق بـالماء
فـهــو الـطـبـيـب الـذي يُـرجى لـعـافـيـة .... لا مــن يُــذيــبُ لــك الـتـريــاق بـالماء
قال : ولما مرض بشر الحافي رحمه الله تعالى قالوا : أندعو لك طبيبًا ، فقال : إني بعين الطبيب يفعل بي ما يريد . فألح عليه أهله ، وقالوا : لا بد أن ندفع ماءك إلى الطبيب . فقال لأخته : ادفعي إليهم الماء في قارورة . وكان بالقرب منهم رجل ذمي وكان حاذقًا في الطب ، فأتوه بمائه في القارورة . فلما رآه قال : حركوه ، فحركوه ثم قال : ضعوه ، ثم قال : ارفعوه ، فقالوا له : ما بهذا وصفت لنا . قال : وبم وصفت لكم ؟ قالوا : بالحذق والمعرفة ، قال : هو كما تقولون . غير أن هذا الماء إن كان ماء نصراني فهو راهب قد فتتت كبده العبادة ، وإن كان مسلمًا فهو ماء بشر الحافي ؛ فإنه أوحد أهل زمانه في السلوك مع الله تعالى . قالوا : هو ماء بشر الحافي ، فأسلم النصراني وقطع زناره . فلما رجعوا إلى بشر قال لهم : أسلم الطبيب . فقالوا : ومن أعلمك ؟ قال : لما خرجتم من عندي هتف لي هاتف ، وقال : يا بشر ببركة مائك أسلم الطبيب ، وصار من أهل الجنة . وفلج الربيع بن خيثم فقيل له : هلا تداويت ؟ فقال : قد عرفت أن الدواء حق ، ولكن عاد وثمود وقرون بين ذلك كثيرًا كانت فيهم الأوجاع كثيرة والأطباء أكثر فلم يبق المداوي ولا المداوى وقد أبادهم الموت ، ثم قال هذا المفرد :
هـلــك الـمُــدَاوِي والـمُــداوَى والــذي ..... جـلــب الــدواء وبـاعــه والـمشْتَــري
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي .