عن عبد الرحمن بن محمد ابن أخي الأصمعي قال : قال عمي للرشيد في بعض حديثه : يا أمير المؤمنين بلغني أن رجلاً من العرب طلق في يوم واحد خمس نسوة ، قال : وكيف ذلك ؟ وإنما لا يجوز للرجل غير أربعة . قال : يا أمير المؤمنين كان متزوّجًا بأربعة فدخل عليهنّ يومًا ، فوجدهنّ متنازعات وكان شريرًا ، فقال : إلى متى هذا النزاع ؟ ما أظن هذا إلا من قبلك يا فلانة اذهبي فأنت طالق . فقالت له صاحبتها : عجلت عليها بالطلاق ، ولو أدّبتها بغير ذلك لكان أصلح ، فقال لها : وأنت أيضًا طالق . فقالت له الثالثة : قبحك الله فو الله لقد كانتا إليك محسنتين . فقال لها : وأنت أيضًا أيتها المعدِّدة أياديهما(1) طالق . فقالت الرابعة وكانت هلالية : ضاق صدرك إلا أن تؤدّب نساءك بالطلاق ! فقال لها : وأنت طالق أيضًا . فسمعته جارة له فأشرفت عليه ، وقالت له : والله ما شهدت العرب عليك ولا على قومك بالضعف إلا لما بلوه منكم ، ووجدوه فيكم أبيت إلاَّ طلاق نسائك في ساعة واحدة . فقال لها : وأنت أيتها المتكلمة فيما لا يعنيك طالق ، إن أجازني بعلك . فأجابه زوجها : قد أجزت لك ذلك ، فعجب الرشيد من ذلك .
وطلق رجل امرأته فلما أرادت الارتحال قال لها : اسمعي وليسمع من حضر: إني والله اعتمدتك برغبة ، وعاشرتك بمحبة ، ولم أجد منك زلَّة ، ولم يدخلني عنك ملة ، ولكن القضاء كان غالبًا . فقالت المرأة : جزيت من صاحب ومصحوب خيرًا ، فما استقللت خيرك ، ولا شكوت ضيرك ، ولا تمنيت غيرك ، ولا أجد لك في الرجال شبيهًا ، وليس لقضاء الله مدفع ، ولا من حكمه علينا ممنع .
وقال رجل لابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ما تقول في رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟ فقال : يكفيه من ذلك عدد نجوم الجوزاء .
ذكر من طلق امرأته فتبعتها نفسه ، قال الهيثم بن عدي : كانت تحت ابن الغربان بن الأسود بنت عمّ له فطلقها فتبعتها نفسه ، فكتب إليها يعرّض لها بالرجوع فكتبت إليه تقول :
إن كـنــتَ ذا حـاجــةٍ فـاطـلــبْ لـهــا بـدلا .... إنّ الـغــزال الـذي ضـيـعــت مـشـغــول
فكتب إليها يقول :
إن كــانَ ذا شـغــلِ فـالله يـكـلــؤه .... فـقــد لَـهَــوْنَــا بــه والـحـبـــلُ مـوصـولُ
وقــد قضَيْنَا من استظرافه وَطَـرًا .... وفــي الـلـيـــالي وفــي أيـامـهـــا طــــولُ
وقــد قضَيْنَا من استظرافه وَطَـرًا .... وفــي الـلـيـــالي وفــي أيـامـهـــا طــــولُ
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – أياديهما : نعمهما .