منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


descriptionnewفي القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
اعلم أن كل ما يجري في العالم من حركة و سكون ، خير و شر ، و نفع و ضر ، و إيمان و كفر و طاعة و معصية ، فكل بقضاء الله و قدره و كذلك فلا طائر يطير بجناحيه ، ولا حيوان يدب على بطنه ورجليه ، ولا تطن بعوضة ، ولا تسقط ورقة إلا بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته ، كما لا يجري شيء من ذلك إلا وقد سبق علمه به . واعلم أن كل ما قضاه الله تعالى وقدره فهو كائن لا محالة ، كما أن ما في علم الله تعالى يكون فهو كائن قريب ، وما قدَّر الله وصوله إليك بعد الطلب فهو لا يصل إليك إلا بالطلب ، والطلب أيضًا من القدر ، فإن تعسر شيء فبتقديره وإن اتفق شيء فبتيسيره . فمن رام أمرًا(1) من الأمور ليس الطريق في تحصيله أنه يغلق بابه عليه ، ويفوض أمره لربه ، وينتظر حصول ذلك الأمر ، بل الطريق أن يشرع في طلبه على الوجه الذي شرعه الله له فيه ، وقد ظاهر النبي صلى الله عليه و سلم بين درعين ، واتخذ خندقًا حول المدينة حين تحزبت عليه الأحزاب يحترس به من العدوّ وأقام الرماة يوم أحد ليحفظوه من خالد بن الوليد ، وكان يلبس لأمة الحرب ويهيئ الجيوش ويأمرهم وينهاهم لما فيه من مصالحهم ، و استرقى وأمر بالرقية ، وتداوى وأمر بالمداواة ، وقال : الذي أنزل الداء أنزل الدواء . فإن قيل : قد روي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من استرقى أو اكتوى فهو برئ من التوكل . قلنا : أليس قد قال : أعقلها وتوكل . فإن قيل : فما الجمع بين ذلك ؟ قلنا : معناه من استرقى أو اكتوى متكلاً على الرقية أو الكي وأن البرء من قبلهما خاصة ، فهذا يخرجه عن التوكل وإنما يفعله كافر يضيف الحوادث إلى غير الله ، وقد أمرنا بالكسب والتسبب ، ألا ترى أن الله قال لمريم عليها السلام : }وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا {(2) ؟ فهلا أمرها بالسكون وحمل الرطب إلى فمها ؟ وأنشدوا في ذلك :

ألـم تـــرَ أن الله قـــال لـمـريـــــم .... وهزي إليـك الجذع يسَّاقط الرطب
ولو شاءَ أن تجنيه من غير هزِّها .... جَـنَـتْـهُ ولـكــن كــل شيء له سبب

وقد تقدّم هذا الشعر في باب الكسب والتسبب ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصًا ، وتروح بطانًا »(3) فلم يحمل أرزاقها إليها في أوكارها بل ألهمها طلبها بالغدو والرواح ، وقد جمعوا بين الطلب والقدر فقالوا : إنهما كالعدلين على ظهر الدابة إن حمل في واحد منهما أرجح مما في الآخر سقط حمله، وتعب ظهره ، وثقل عليه سفره ، وإن عادل بينهما سلم ظهره، ونجح سفره، وتمت بغيته. وضربوا به مثالاً عجيبًا فقالوا : إن أعمى ومقعدًا كانا في قرية بفقر وضر، لا قائد للأعمى ، ولا حامل للمقعد ، وكان في القرية رجل يطعمهما قوتهما في كل يوم احتسابًا لله تعالى ، فلم يزالا بنعمة إلى أن هلك ذلك الرجل ، فلبثا أيامًا واشتد جوعهما ، وبلغ الضر منهما جهده ، فأجمع رأيهما على أن الأعمى يحمل المقعد ، فيدله المقعد على الطريق ببصره . فاشتغل الأعمى بحمل المقعد ويدور به ويرشده إلى الطريق ، وأهل القرية يتصدّقون عليهما ، فنجح أمرهما ، ولولا ذلك لهلكا . فكذلك القدر سببه الطلب ، والطلب سببه القدر وكل واحد منهما معين لصاحبه ، ألا ترى أن من طلب الرزق والولد ثم قعد في بيته لم يطأ زوجته ، ولم يبذر أرضه معتمدًا في ذلك على الله واثقًا به أن تلد امرأته من غير مواقعة ، وأن ينبت الزرع من غير بذر كان عن المعقول خارجًا ولأمر الله كارهًا ؟

قال الغزالي : أما المعيل فلا يخرج عن حد التوكل بادخار قوت سنة لعياله جبرًا لضعفهم وتسكينًا لقلوبهم ، وقد أدخر رسول الله صلى الله عليه و سلم قوت سنة ونهى أم أيمن وغيرها أن تدّخر شيئًا. وقال: « أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا ». وقال عبد الله بن الفرج: أطلعت على إبراهيم بن أدهم وهو في بستان بالشام فوجدته مستلقيًا على قفاه وإذا بحية في فمها باقة نرجس، فما زالت تذب عنه حتى انتبه. فحسبك توكُّلٌ يؤدي إلى هذا. وعن عبد الله الهروي قال: كنا مع الفضيل بن عياض على جبل أبي قبيس، فقال: لو أن رجلاً صدق في توكله على الله ، ثم قال لهذا الجبل اهتز لاهتز فو الله لقد رأيت الجبل اهتز وتحرك . فقال له الفضيل رحمه الله تعالى : لم أعنك رحمك الله فسكن .

وحكي أن رجلاً من أبناء الناس كانت له يد في صناعة الصياغة ، وكان أوحد أهل زمانه ، فساء حاله ، وافتقر بعد غناه ، فكره الإقامة في بلده ، فانتقل إلى بلد آخر، فسأل عن سوق الصاغة ، فوجد دكانًا لمعلم السلطنة وتحت يده صناع كثيرة يعملون الأشغال للسلطنة وله سعادة ظاهرة ما بين مماليك وخدم وقماش وغير ذلك ، فتوصل الصائغ الغريب إلى أن بقي من أحد الصناع الذين في دكان هذا المعلم ، وأقام يعمل عنده مدة ، وكلما فرغ النهار دفع له درهمين من فضة ، وتكون أجرة عمله تساوي عشرة دراهم ، فيكسب عليه ثمانية دراهم في كل يوم . فاتفق أن الملك طلب المعلم وناوله فردة سوار من ذهب مرصعة بفصوص في غاية من الحسن قد علمت في غير بلاده ، كانت في يد إحدى محاظيه(4) فانكسرت فقال له : ألحمها ، فأخذها المعلم وقد اضطرب عليه في عملها ، فلما أخذها وأراها للصناع الذين عنده ، وعند غيره ، فما قال له أحد إنه يقدر على عملها ، فازداد المعلم لذلك غمًّا ، ومضت مدة وهي عنده لا يعلم ما يصنع . فاشتد الملك على إحضارها ، وقال : هذا المعلم نال من جهتنا هذه النعمة العظيمة ، ولا يحسن أن يلحم سوارًا ، فلما رأى الصانع الغريب شدة ما نال المعلم قال في نفسه : هذا وقت المروءة أعملها ولا أؤاخذه ببخله عليَّ ، وعدم إنصافه ، ولعله يحسن إليَّ بعد ذلك ، فحط يده في درج المعلم ، وأخذها وفك جواهرها وسبكها ، ثم صاغها كما كانت ونظم عليها جواهرها ، فعادت أحسن مما كانت ، فلما رآها المعلم فرح فرحًا شديدًا ثم مضى بها إلى الملك ، فلما رآها استحسنها وادعى المعلم أنها صنعته فأحسن إليه ، وخلع عليه خلعة سنية ، فجاء وجلس مكانه فبقي الصائغ يرجو مكافأته عما عامله به ، فما التفت إليه المعلم ، ولما كان النهار ما زاده على الدرهمين شيئًا . فما مضت إلا أيام قلائل وإذا الملك اختار أن يعمل زوجين أساور على تلك الصورة ، فطلب المعلم ورسم له بكل ما يحتاج إليه ، وأكد عليه في تحسين الصنعة وسرعة العمل ، فجاء إلى الصانع وأخبره بما قال الملك فامتثل مرسومه ، ولم يزل منتصبًا إلى أن عمل الزوجين وهو لا يزيده شيئًا على الدرهمين في كل يوم ولا يشكره ، ولا يعده بخير ، ولا يتجمل معه ، فرأى المصلحة أن ينقش على زوج الأساور أبياتًا يشرح فيها حاله ليقف عليها الملك ؛ فنقش في باطن إحداهما هذه الأبيات نقشًا خفيفًا يقول :

مـصـائـــبُ الـدهـــر كـفِّـــي .... إن لـــم تـكـفِّــــي فـعـفِّـــــي
خَـرَجْـــتُ أطـلــبُ رِزْقِــــي .... وجَــدتُ رِزْقِـــي تَــوفِّــــــي
فـــــلا بـــِرِزْقِـــي أحَظِّــــى .... ولا بِـصَـنْـعَــــةِ كـــفِّـــــــي
كـــم جــاهــل فــي الـثـريـَّــا .... وعـــالـــــمٍ مُـتَـخَـــفِّـــــــي

قال : وعزم الصانع على أنه إن ظهرت الأبيات للمعلم شرح له ما عنده ، وإن غم عليه ولم يرها كان ذلك سبب توصله إلى الملك ، ثم لفهما في قطن وناولهما للمعلم ، فرأى ظاهرهما ولم ير باطنهما لجهله بالصنعة ، ولما سبق له في القضاء ، فأخذها المعلم ومضى بهما فرحًا إلى الملك وقدمهما إليه، فلم يشك الملك في أنهما صنعته ، فخلع عليه وشكره ، ثم جاء فجلس مكانه ولم يلتفت إلى الصانع وما زاده في آخر النهار شيئًا على الدرهمين ، فلما كان اليوم الثاني خلا خاطر الملك فاستحضر الحظية التي عمل لها السوارين الذهب فحضرت وهما في يديها ، فأخذهما ليعيد نظره فيهما ، وفي حسن صنعتهما فقرأ الأبيات ، فتعجب وقال : هذا شرح حال صانعهما ، والمعلم يكذب ، فغضب عند ذلك وأمر بإحضار المعلم ، فلما حضر قال له : من عمل هذين السوارين ؟ قال : أنا أيها الملك ، قال : فما سبب نقش هذه الأبيات ؟ قال : لم يكن عليهما أبيات ، قال : كذبت ، ثم أراه النقش وقال : إن لم تصدقني الحق لأضربن عنقك ، فأصدقه الحق ، فأمر الملك بإحضار الصانع ، فلما حضر سأله عن حاله ، فحكى له قصته وما جرى له مع المعلم ، فرسم الملك بعزل المعلم ، وأن تسلب نعمته وتعطى للصانع ، وإن يكون عوضًا عنه في الخدمة ، ثم خلع عليه خلعة سنية وصار مقدمًا سعيدًا ، فلما نال هذه الدرجة وتمكن عند الملك تلطف به حتى رضي عن المعلم الأول وصارا شريكين ، ومكثا على ذلك إلى آخر العمر، ورحم الله من قال :

إذا كان سـعــدُ الـمــرء في الـدهـر مـقـبلاَ .... تـدانـــت لـــه الأشـيـــاء مـن كل جانب


من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) - رام أمرًا : طلب .

(2) - سورة مريم : 25 .

(3) - أخرجه : الترمذي في الزهد 2344 .

(4) - محاظيه : الجارية المملوكة ذات المكانة .





descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz


يعطيك الصحة ليلى

على الموضوع القيم

descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
شكرااااااااا على الموضوع


[ مَآ زآلت هُنآك مسَآحة للفَرَحْ في حَيَآتنَآ ]
دامت ايامكم كلها فرح
سااااااااااااااره16

سااااااااااره[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ساااااااار
ه

descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
قال الله تعالى" فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا "
شكرااا ليلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] على الموضوع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] القيم

descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
ღاشــــكـرك جـــدا علـــى مـــرورك الرائع..واللــه يبارك لنا فيك..وفـــى قلمـــك..ღ

الذى يجود باروع المواضيع..

ღحفظــــــك اللــــه لنا كنزا غاليــــا..ღ

ღمنــــــى كل الشكــــــر والتقديــــــــــــــر..ღ

ღوكل التحيــــات والاحتـــــــــــــرام..ღ

أخوك kerrouche

descriptionnewرد: في القضاء و القدر و أحكامه و التوكل على الله عز وجل

more_horiz
شكراااااااااااا




[ مَآ زآلت هُنآك مسَآحة للفَرَحْ في حَيَآتنَآ ]
دامت ايامكم كلها فرح
سااااااااااااااره16

سااااااااااره
تكبير الصورةتصغير الصورة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]سااااااااره




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ]
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد