اتفق الأدباء والكتاب المتدخلون هذا الإثنين بالملتقى الوطني “رشيد
ميموني للرواية الجزائرية” المنعقد بولاية بومرداس على أن توظيف الموروث
الشعبي من قبل الروائيين الجزائريين تلقائي حيث نجده في أغلب الروايات سواء
المكتوبة باللغة العربية أو المكتوبة باللغة الفرنسية ، وأن معظم الكتاب
الجزائريين ينهلون من التراث الشعبي ويستخدمون عناصره في رواياتهم.
وقال الدكتور عبد الحميد بورايو في مداخلته خلال هذا الملتقى الذي يدوم
يومين والذي يناقش “توظيف الموروث الشعبي في الكتابة الروائية الجزائرية”،
أن حضور التراث والموروث الشعبي هو ملاحظ بشكل كبير في الكتابة الروائية
الجزائرية سواء المكتوبة منها بالفرنسية أو العربية وذلك منذ الأربعينيات،
مستشهدا بأعمال عدد من الكتاب مثل كاتب ياسين ومولود معمري ومالك حداد
ومولود فرعون ورشيد ميموني، مضيفا أن استعمال الموروث الشعبي استمر إلى
غاية اليوم، ففي فترة السبعينيات والثمانينات يلاحظ ذلك من خلال كتابات
الروائيين ” عبد الحميد بن هدوقة ” و” الطاهر وطار”.
أما توظيف الموروث الشعبي من قبل الروائيين الجزائريين الشباب حاليا – يضيف
المحاضر- يظهر ذلك من خلال كتابات العديد منهم مثل الكاتب” حسين علام ” و”
عبد الوهاب بن منصور” ما يؤكد أن هذه الخاصية ملازمة لأغلب الكتاب
والروائيين الجزائريين كما قال.
وأضاف بورايو أن الروائي رشيد ميموني هو الآخر كان الموروث الشعبي حاضرا في
أعماله بشكل لافت مثل ما نجده في روايته “شرف القبيلة” أين طرح موضوع
القطيعة مع التراث، وفي رواية “حزام الغولة” أين تطرق إلى الحياة اليومية
للإنسان العادي الجزائري من خلال كلامه وتعامله مع الآخرين.
وأكد بورايو أن الاستخدام الجيد للموروث الشعبي في الكتابة الأدبية يعطيها
ميزة خاصة ويخلق التواصل بين الأجيال والثقافة الوطنية التي نروم بناءها.
وأشار عبد الحميد بورايو إلى أهمية الاهتمام بالتراث الشعبي وتسجيله
بالوسائل التكنولوجية الحديثة حتى يتسنى للكتاب والروائيين الشباب وغيرهم
من الفنان استعماله وتوظيفه في كتاباتهم حتى يكون هناك تواصلا ثقافيا بين
الأجيال.
ونحا الدكتور مرزاق بقطاش منحى سابقه في توظيف الموروث الشعبي من قبل
الروائيين الجزائريين، وأكد أن استعماله من قبلهم كان بطريقة تلقائية أو
بطريقة عقلية مقصودة، مثلهم مثل الكتاب العرب في القديم، مشيرا إلى أن كاتب
ياسين في روايته “نجمة” لم يستطع أن يفلت من توظيف الموروث الشعبي حيث
وظفه توظيفا تلقائيا.
وفي هذا السياق قال مرزاق بقطاش “لا أستطيع أن أتصور كاتبا جزائريا بعيدا
عن الخطين المتوازيين وهما التوظيف التلقائي للموروث الشعبي والتوظيف
العقلي المقصود له”.
وحول توظيف الراحل رشيد ميموني للموروث الشعبي في أعماله، أكد بقطاش أن ذلك
كان واضحا في أغلب أعماله كرواية” طومبيزا” ويظهر ذلك من خلال تسميتها
التي تعني طفلة سمينة، و”حزام الغولة” وهي كلمة من التراث أيضا.
كما أكد بقطاش من جانبه على أهمية الحفاظ على الموروث الشعبي والموروث
الثقافي بصفة عامة واستعماله في الأشكال الفنية والأدبية بشكل يسمح تناقله
بين الأجيال.
الدكتور جيلالي خلاص لم يخرج عما قاله بورايو وبقطاش في توظيف الموروث
الشعبي من قبل الكتاب الجزائريين، مؤكدا أن بعض الروايات اجتمع فيها
التوظيف التلقائي والعقلي للموروث الشعبي في نفس الوقت..
وأضاف جيلالي خلاص من جهة أخرى أن رواية “شرف القبيلة” هي أكثر الروايات
التي وظف فيها ميموني الموروث، من خلال حكايات ال”القوالين” أو “المداحين
في الأسواق”.
وأكدت الوزيرة السابقة والكاتبة زهور ونيسي التي ترأست الجلسة الصباحية، أن
الكتاب الجزائريين لديهم التصاق وثيق بالموروث الشعبي ، مشيرة إلى أن
الموروث الشعبي الجزائري مليء بالقيم الأخلاقية وقيم النضال والكفاح
والحرية والعدالة.
وأضافت زهور ونيسي أن كل الروايات الجزائرية التي اعتمدت في مضمونها على
الموروث الشعبي تكون دائما ناجحة، وتكون قد جعلت نفسها همزة وصل بين الحاضر
والماضي، وقالت ” لا يمكن أن يكون الإنسان عالميا إلا إذا انطلق من أرضيته
المحلية”.
وقد شهد هذا اليوم الأول من الملتقى تكريم عدد من الأدباء والروائيين
بجائزة الاستحقاق الأدبي وهم زينب الأعوج وحبيب أيوب وعبد القادر بوضربة
الفائز بجائزة “علي معاشي 2009″.