درج المسلمون على إحياء مولد خير الأنام محمد رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذي أشرق الكون بميلاده في ذات 12 ربيع الأول قبل خمسة عشر
قرنا..هاديا ومبشرا وداعيا لصراط الحق المستقيم .وخاتما ومتوجا لكافة الرسل
والأنبياء. وعلى غرار جميع الأمة الإسلامية التي تتعدد بها مظاهر
الاحتفال بالمناسبة كل حسب طريقته التقليدية التي ورثها عن آبائه وأجداده
في شكل سنن حميدة متواترة عبر الأجيال للوقوف عند سيرته العطرة والعبرة
بمناقبه وأخلاقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء بالإكثار من مجالس
الذكر في بيوت الله والإكثار من الصلاة عليه، بالإضافة إلى العادات الحميدة
الأخرى أيضا والتي لا تخلو المناسبة أو لا تحلوا دونها خصوصا أن المسلمين
بالإضافة إلى عيدي الفطر والأضحى دأبوا على إحياء المناسبة كعيد ديني تلتقي
فيه العائلات وتجتمع حوله الأسر للتلاقي وتجديد المحبة والمودة بينهم.
كما أن المناسبة في بلدنا الجزائر وكسائر بلاد المسلمين لا تخلو من هذه
المظاهر التي تطبعها إضافة إلى التفرد بخصوصية إطلاق الصواريخ والمفرقعات
وإشعال الشموع التميز بموائد الطعام والأطهية الخاصة بالمناسبة وفي هذه
أيضا خصوصية تختلف من بلد إلى آخر .
وهي أبعد من ذلك
تجذرا في أعماق تراث وحضارة المجتمع الجزائري بمشاربه المتعددة و المتنوعة
كما هو الشأن – على سبيل المثال لا الحصر- بالنسبة لاحتفالية “الفزعة
“التقليدية ببني عباس ولاية بشار والتي يشارك فيها اليوم الخميس آلاف من
المواطنين الذين قدموا من الساورة ومختلف مناطق الوطن.
وينشط هذه الاحتفالية طوال الليل حوالي 30 فرقة من فرق البارود للاحتفاء
بذكرى المولد النبوي الشريف.
وتكتسي هذه العادة العريقة التي تميز هذا الاحتفال أهمية بالغة عبر الوطن
بالنظر إلى الأعداد الغفيرة من المشاركين و الزوار.
وتنظم بهذه المناسبة الدينية عدة نشاطات دينية وثقافية وشعبية بالتنسيق مع
بلدية بني عباس والجمعيات المحلية ومختلف الزوايا ومساجد المنطقة.
وقبل أن يبدأ احتفال “الفزعة” تقوم فرق “الحضرة” التابعة للزوايا بالمنطقة
بتأدية المدائح الدينية وكذا أناشيد والقصائد الدينية وبخاصة “البردة” تحت
إشراف العديد من الشيوخ الزاويان والمدارس القرآنية بالولاية.
ولا تزال هذه الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف ببني عباس محافظة على
أصالتها بفضل إسهام المواطنين الذين يشاركون سنويا في هذه الاحتفالات من
خلال استقبال وإيواء الزائرين كما درجت عليه العادة في هذه المنطقة من جنوب
الوطن.
كما تمثل هذه المناسبة فرصة لتحضير أطباق من الكسكسي المزين باللحم والخضر
خلال هذه الأمسية تعبيرا عن الترحيب والمشاركة.
وتحضيرا لهذه المناسبة يتم دهن واجهات المنازل والمساجد والزوايا ببني عباس
وبقي المناطق الأخرى باللون الأبيض الذي يرمز للسلام والفرح.
وتتميز الاحتفالات بمدينة كرزاز التي أسسها الشيخ سيدي محمد بن موسى بإقامة
بعد صلاة العصر مباشرة تجمع كبير للمصلين وأتباع الزاوية الكرزازية أمام
دار البيضاء مقر هذه الزوايا قبل التوجه إلى الزاوية الكبيرة التي تبعد 5
كلم مرددين مدائح وأناشيد دينية كما جرت عليه العادة.
ويردد المشاركون في هذا الموكب طوال السهرة أدعية و قصائد دينية لمؤسس
الزاوية بمدينة كرزاز.