يعيش قاطنو البنايتين رقم 68 و70 بحي باب
الوادي، أوضاعا كارثية عقب انهيار سكناتهم بفعل الأمطار الغزيرة الثلاثاء
الماضي، في وقت يُنتظر حسب تصريح “عدو محمد الكبير” والي العاصمة هذا
الخميس، أن يتم توزيع حوالي 14 عشر ألف سكن اجتماعي وتساهمي نهاية الأسبوع
القادم، وسيخصص جزء من هذه السكنات لصالح خمسمائة عائلة تقطن بديار الشمس
ببلدية المدنية.
وفي جولة قادت موفدة موقع الإذاعة الجزائرية، زعم أحد قاطني البناية 68 بحي
“رابح بيصاص”، أنّ السبب الحقيقي لانهيار سكناتهم يعود إلى انفجار قنوات
صرف المياه التي تم تغيير اتجاهها إلى شارعهم، وأبرز قايا إنّه منذ سنة
2004، وسكان الحي يعانون من مشكل هذه القنوات رغم الشكاوى التي جرى تقديمها
إلى المصالح المعنية على مستوى بلدية باب الوادي، إلا أنّ الوضعية ظلت على
حالها.
وقال المتحدث نفسه:”عشنا حالة خوف، حيث تمكنت بصعوبة من إنقاذ والدتي التي
أصيبت بجروح، في حين أصيب عمي وجدتي بصدمتين كبيرتين لدرجة أنهما لم
يستطيعا تقبل ما حدث”، حيث نجا هؤلاء من الموت بعد تلقيهم إنذارا في حدود
الثالثة صباحا، ويطالبون الآن بتحسين وضعهم بحكم أنّ بقائهم داخل البنايتين
المنهارتين يشكّل خطرا كبيرا يهدد حياة السكان.
وأجمع سكان هاتين البنايتين على حساسية الحالة التي يعيشونها، إذ أضحوا
يبيتون في العراء، كما يخشى سكان حي “رابح بيصاص” أن يؤدي تهاطل الأمطار
مجددا إلى انهيار بنايات أخرى.
هذا واعتبر “محمود تودرت علامي” القاطن
بالبناية نفسها، أنّ تغيير اتجاه قنوات صرف المياه باتجاه بنايتهم والقادمة
من بوزريعة، بمثابة الضربة القاضية التي جعلت السكان يصابون بهذه المأساة،
مطالبا بضرورة إرجاع اتجاه هذه القنوات إلى حي “سيدي بن نور” كما كانت
سابقا.
وعن وقائع الحادثة قال محمود علامي إنّ عناصر الحماية المدنية قدموا إليهم
قي حدود الثالثة صباحا وأخبروهم بإمكانية وقوع انفجار في قنوات صرف المياه،
وطلبوا منهم إخبار سكان البنايتين بالخروج فورا، لكنه – يضيف – لم يلبث أن
حذّر جيرانه حتى وجد نفسه وسط كمية هائلة من المياه، هذه الأخيرة جرفت
حسبه كل الأحجار والأتربة وهدمت البنايات، بما أدى إلى تعالي أصوات
القاطنين الذين تمكنوا من النجاة بأعجوبة، وارتسمت اثر هذه الحادثة علامات
الهلع والارتباك الشديد على الوجوه.
بدورها، روت سلمان دليلة القاطنة بالبناية
رقم 70 تفاصيل الكارثة، حيث أوضحت أن كل القاطنين أحسوا بتدفق المياه خلال
الساعة الثالثة صباحا، وتشير إلى أنّها استيقظت على وقع الفاجعة وصراخ
السكان الذين تلقوا إنذارات بحتمية إخلاء سكناتهم فورا، وهو ما ساعدهم على
النجاة من موت محقق.
وأشارت دليلة في السياق ذاته، إلى حالة الذعر التي عاشتها أثناء انفجار
قنوات صرف المياه، حيث تعرضت رفقة باقي سكان البنايتين إلى مأساة حقيقية
جعلتهم يجدون أنفسهم في الشارع، مؤكدة أنها بعد هذه الحادثة لم تجد مكانا
تلتجئ إليه ولم تعرف طعم النوم لأنها تواجه مصيرا مجهولا، على حد تعبيرها.
القاطنون
يطالبون بتعجيل إسكانهم
يطالب قاطنو البنايتين بضرورة حصولهم على سكنات في أقرب وقت ممكن، خاصة
وأنّ البعض منهم يعيش داخل سكنات مصنفة ضمن الخانة الحمراء منذ زلزال 2003،
وانتقد السكان ما سموه “عدم اكتراث الجهات المعنية بأمرهم”، مبرزين حجم
الشكاوى التي قدموها، منذ إدراكهم خطر تغيير قنوات صرف المياه باتجاه حيهم.
كما أشار المتحدثون، إلى قدوم مسؤولي دائرة باب الوادي لمعاينة سكناتهم يوم
وقوع الكارثة، حيث قاموا بإجراء تحقيق حول تفاصيل الحادث، وطلب المسؤولون
من قاطني البنايتين إحضار ملفاتهم لدراستها.
وقال جمع من السكان إنهم وضعوا ملفاتهم على مستوى دائرة باب الوادي، آملين
في أن تلقى طلباتهم آذانا صاغية لدى السلطات، بما يسمح لهم بالحصول على
سكنات لائقة بعد أن ضاقوا ذرعا بوضعهم الحالي وتواجدهم في العراء.
ولتلبية طلبات هؤلاء، تستعد ولاية الجزائر العاصمة لتوزيع عشرة آلاف سكن
اجتماعي، إضافة إلى أربعة آلاف سكن تساهمي في غضون الأيام القليلة القادمة،
وهو ما يشكّل انفراجا حقيقيا يسمح بمعالجة واسعة لمشكلة السكنات المهترئة
في العاصمة وضواحيها.