افتتح صبيحة اليوم بولاية أم البواقي الملتقى الوطني الخامس حول الفساد
الإداري بقاعة المحاضرات الكبرى، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء
والأخصائيين في هذه الآفة التي فعلت فعلتها الكبرى في نخر البنيات
الاجتماعية والاقتصادية للأمم والمجتمعات، وصيرتها إلى عالم من الفوضى
الضاربة.
وتأتي أهمية الملتقى الذي تشرف على تنظيمه كلية الحقوق والعلوم السياسية
بجامعة العربي بن مهيدي استجابة للتحولات التي برزت في السنوات القليلة
الماضية، والتي صاحبتها حركية علمية قانونية واجتماعية وثقافية قادتها
منظمات دولية حكومية، وغير الحكومية، إذ دقت ناقوس الخطر، وبادرت إلى العمل
على إيجاد الحلول الناجعة للحد من ظاهرة الفساد الإداري، ومواجهته في إطار
تنسيق بين دول العالم قاطبة، من خصوصا في السنوات الأخيرة.
الملتقى سيعرف نقاشا علميا وأكاديميا للنخبة الفاعلة من المهتمين بموضوع
الفساد الإداري بجميع أنماطه من رشاوى واختلاس وتزوير واستغلال للسلطة
والنفوذ، وانعكاسات هذه الأنماط على حركية النمو في المجتمعات المتقدمة
والمتخلفة منها، بالإضافة إلى دور المجتمع الدولي في الاضطلاع بحل هذه
المشكلة، إذ لم يعد الفساد مشكلة داخلية خاصة بالدولة على المستوى الوطني
بل أصبح ظاهرة معولمة، وعلى ذلك أصبحت أشكاله وأنماطه معقدة لدرجة يصعب
التعرف عليها أحيانا.
وانطلاقا من هذا الإطار سيحاول الأساتذة المحاضرون إلى تشخيص واقع الفساد
الإداري في الجزائر، انطلاقا من الأرقام التي تقدمها الأجهزة القضائية
للدولة، والتي تشير إلى حقيقة وجوده بأنماط وأشكال مختلفة، وذلك نتاجا لعدد
من العوامل أهمها التأثيرات العالمية على بلدنا باعتباره جزء لا يتجزأ من
هذا العالم، خاصة في ظل التنامي المتسارع لظاهرة العولمة، وتحرير التجارة،
زيادة على بعض الأسباب الداخلية كضعف الإجراءات الردعية التي تحول دون
تفاقم وانتشار تلك الظواهر السلبية، إلى جانب التردد الكبير في تطبيق
الاتفاقية الأممية لمحاربة الفساد، بالإضافة إلى بعض الثغرات المسجلة في
عدد من القوانين، ومن أهمها قانون الصفقات العمومية، رغم مجهودات الدولة في
أعلى هرمها في أكثر من مرة على عزمها الذهاب بعيدا في معركة قطع دابر
الفساد، والتي كان آخرها الخطاب الرسمي الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية
السيد: عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2009/2010 الذي
توعد بشدة المفسدين وأعلن عن تأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد.
للإشارة فإن الجزائر كانت في مقدمة الدول التي سارعت إلى إعداد ترسانة
قانونية وتنظيمية ورقابية محكمة لمجابهة خطر الفساد الإداري، فعل الصعيد
الوطني نجد من بينها العديد من القوانين والتشريعات مثل قانون العقوبات
الصادر بموجب الأمر:66/156 المعدل والمتمم، وخاصة قانون الوقاية من الفساد
ومكافحته الصادر بموجب القانون رقم: 06/01، لتجاوز المفهوم التقليدي للفساد
وهذا وفقا للمفهوم الجديد الذي جاءت به اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الفساد، دون أن ننسى قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
ومكافحتهما الصادر بموجب القانون رقم: 05/01، ومن أهم الجهات الرقابية تم
إنشاء مجلس المحاسبة بموجب القانون رقم: 90/32، إضافة إلى الهيئة الوطنية
للوقاية من الفساد ومكافحته التي تم إحداثها بموجب المرسوم الرئاسي
رقم:06/413 .
أما على الصعيد الدولي فنلاحظ الانضمام السريع للجزائر لاتفاقية الأمم
المتحدة لمكافحة الفساد حيث تم التصديق عليها بموجب المرسوم الرئاسي رقم:
04/128، هذا على الصعيد الحكومي أما على الصعيد غير الحكومي فقد تم اعتماد
الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد التي تعد فرعا لمنظمة الشفافية الدولية
وهي منظمة غير حكومية تعنى بمكافحة الفساد تم إنشاؤها سنة 1993.
الملتقى عرف مشاركة نخبة من الباحثين الجزائريين على غرار الدكتور بريكي
لحبيب وبوعبد الله مختار وبلفراق فريدة وبوضياف عمار وبعلي محمد وآخرين.
وسيضطلع في أشغاله على مدار يومين التركيز على عدد من المحاور منها الجهود
الوطنية والدولية لمكافحة الفساد الإداري. من خلال مناقشة وتحليل الآليات
التشريعية والرقابية، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني والقنوات الإعلامية
والدين في التصدي لهذه الظاهرة