تلعب المطابع أهمية كبري في نشر الفكر
والرأي عن طريق مطبوعاتها، حيث يكتسي مشروع إنشاء مطبعة بعدا استراتيجيا له
دلالة قوية في بناء الصرح الإعلامي ، من خلال توسيع وإيصال المنتوج
الإعلامي والثقافي لكل المواطنين ، فالتعددية الإعلامية والسياسية في
الجزائر تعتبر شهادة ميلاد حرية التعبير من خلال التسهيلات والمساعدات التي
بادرت بها السلطة من اجل تنمية وتطوير قطاع الإعلام في خل جوانبه
القانونية التشريعية والمهنية ، فبمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير
والصحافة المصادف لتاريخ 3 ماي من كل سنة تقربنا إلى عينة من المطابع
العمومية والخاصة والكليات الخاصة بقطاع الإعلام لإبراز دورها في تجسيد
وترقية حرية التعبير وأهم الميكانيزمات التي تتحكم في هذا المجال فبجولتنا
الاستطلاعية كانت مصحوبة بمجموعة من الأسئلة التي تتمحور حول العلاقة
القائمة بين المطبعة وحرية التعبير في الجزائر خاصة أمام المشوار الحافل
بالانتصارات بالنسبة للصحافة الجزائرية قانونيا ومهنيا وهو ما يكشف عنه
المدير العام لمطبعة الوسط بباب الزوار عبد القادر متشاط في حديث خص به
موقع الإذاعة الجزائرية ليتحدث عن المعالم التي رسمت إستراتيجية الشركة
العمومية ذات الطابع الاقتصادي.
مطبعة الوسط بين النشأة والهدف:
تأسست سنة 1990 في إطار انفصال
المطابع والعناوين التي كانت تابعة لجريدة الشعب ، فهي شركة عمومية ذات
أسهم تتربع على ثلاثة مطابع رئيسية الأولى بباب الزوار والثانية بور قلة
والثالثة بولاية بشار، فالشركة تملك تكنولوجية عالية وخدمات مطبعية متنوعة
أهميتها سحب الصحف المجلات والكتب المدرسية وكتب الأطفال والمنشورات وغيره ،
سحب جميع أنواع الصحف بعدد اكبر من الصفحات والصفحات الملونة ، إمكانيات
كبيرة في استخدام الألوان وإصدار الملاحق الاستمرار في طبع الكتاب المدرسي
لصالح المدرسة الجزائرية طبعت حتى ألان أكثر من 25 مليون كتاب ، ففي سنة
2004 احتلت المرتبة الأولى ضمن الطابع العمومية والاستحواذ على 44 بالمائة
من ما ينشر من الصحف ، أما عن اليوميات نطبع يوميا 50 عنوانا والأسبوعيات
حوالي 33 عنوان إذن فالعلاقة بين المطبعة والجرائد هي علاقة تجارية ولا
يتم طبع أي عنوان إلا بتوفر الشروط القانونية ، فا في البداية نقدم له ضمان
ويطبع شهرين بدون دفع الأموال حتى بداية الشهر الثالث وهوما يجسد بصفة
حقيقية مبدأ حرية التعبير في الجزائر ، للعلم ، فهناك من له سنة كاملة لم
يدفع فيها مصاريف المطبع بطبيعة الحال لإعطاء هذا القطاع الحيوي ديناميكية
للوقوف والصمود في السوق ، إذن فتبدو هذه العلاقة ودية ، فالشركة التي
تقوم باستيراد الورق هي مؤسسة عمومية رغم الديون الملقاة على عاتقنا تجاه
هذه الشركة ، فديوننا مع هذه الشركة هي جراء تأخر العناوين في دفع ديونهم
ومستحقاتهم المالية هذا فمنذ سنة 1999 لم تتوقف أية جريدة للإشارة ،
فالمشكل الوحيد الذي يواجه هذه الصحف هو التوزيع فلاحظنا أغلبية الجرائد
تبقى مكدسة نظرا لعدم توزيعها من طرف الموزعين ، فالقطاع الخاص يقتني جريدة
دون أخرى ، فأغلبية الجرائد التي سقطت وزالت وتلاشت يعود المشكل الحقيقي
إلى التوزيع ، لهذا الأساس قمنا باقتراح مشروع مع الناشرين وأصحاب العناوين
بإنشاء شركة مختلطة ذات أسهم يكون لها مجلس الإدارة ونوفر لها كل
الإمكانيات حتى نتفادى هذا الخلل الاقتصادي في نفس الوقت نشجع الصحافة
الجوارية لهذا الأساس تم التفكير في إنشاء وحدة مطبعية تابعة لمطبعة الوسط
بور قلة في سنة 2006 في إطار المخطط التوسعي الناتج عن التطور الطبيعي
للشركة، وقد بلغت تكلفته حوالي 40 مليار سنتيم وهو مبلغ متأتي من أموال
الشركة:
مطبعة المجاهد…بين المهنية وأفاق
الاستثمار:
انشات مطبعة المجاهد على أساس
الإصلاحات السياسية والاقتصادية تتميز بالمهنية تهدف شركة الطباعة بالجزائر
إلى تحقيق الخدمة العمومية التي تعتمد على المساواة والاستمرار والتكيف
ففي سنة 2009 تم إعطاء إشارة انطلاقة لأول مطبعة بالألوان وهذا حسب ما
تقتضيه متغيرات اقتصاد السوق لقطاع الصحافة الجزائرية ، وهذه المؤسسة تأسست
في سنة 1998 وهي شركة ذات أسهم المجاهد يقدر رأس مالها ب 255.000.000دج
مطبعة الخبر والوطن بين الخدمة
العمومية ومشكل التوزيع:
أما عن تاريخ تأسيس شركة الخبر وهي شركة الجزائر لتوزيع وطباعة الصحف كان
ذلك في 1995 على أساس أنها تقوم بتوزيع الصحف ونظرا للنجاح المحقق في هذا
الميدان تم اقتناء مطبعة خاصة ، فهي أول مؤسسة دخلت الطباعة بالألوان بعد
المجاهد وتقوم بطبع 100 ألف نسخة في الساعة بإدخال الألوان على 16 ورقة ،
فالمؤسسة سطرت مجموعة من الأهداف سواء على المدى القصير والبعيد، فالمدى
القصير تحقيق رقم أعمال في التوزيع وطبع الجرائد الخاصة بها كجريدة الوطن
والخبر أما المدى البعيد هو طبع جرائد أخرى وهو الشيء المعمول به حاليا على
مستواها ودفعا الأمر إلى باقتناء مطبعة خاصة لطبع الصحف الأخرى ، تبقي
قضية الورق فهناك استقلالية تامة فيتم استيراده من الخارج بإمكانيات خاصة ،
وهذه المطابع أعطت دفع جديد للصحافة الخاصة بالرفع من حجم المبيعات وهو
يترجم ويعكس حرية الصحافة في الجزائر، يبقى دائما مشكل التوزيع العائق
الأكبر أمام الصحافة الجزائرية فهناك تداخل في تسيير هذه العملية ، لهذا
فالتكاليف اكبر من سعر البيع وهذا ما جعل هذه الصحافة تلجا إلى الخواص
كمؤسسة حيون الذي يعتبر أول متعامل معتمد في الجزائر ، تأسست يوم 30 ديسمبر
1990 وتتحكم في 19 نقطة بيع موزعة على ولايات الوسط وأول جريدة وزعتها هذه
المؤسسة هي جريدة le soir d’algerie . بعد هذا جاءت مؤسسة التوزيع
الجزائري الجديد تأسست في 19 مارس 1992 ووزعت حتى المجلات المتخصصة كالطب
والأطفال.ثم هناك المؤسسة الجزائرية للتوزيع في الأخير نجد مؤسسة التوزيع
السريع ، وقد باشرت المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار بإنشاء فرع جديد لتوزيع
الصحف في شهر ماي 2000 مهمتها تتمثل في توزيع الصحف على المستوى الوطني
وهو ما يعد قفزة نوعية في خدمة القارئ ، كما تمثل متانة العلاقات بين
اليوميتين الخبر والوطن لتحقيق المزيد من النجاحات،
المطابع العمومية …بين ثقل الديون
واستمرارية الطبع
فعن علاقة حرية التعبير بالمطابع يتساءل الأستاذ عمار عبد الرحمن عن مفهوم
حرية التعبير هل المقصود بحرية التعبير في الجزائر هو الطبع على حساب
الحكومة والدولة بأموال الشعب، واتجه إلى المطبعة ولا أسدد الديون واطلب
مدير المطبع بوضع ترخيص الطبع دون تسديد الديون، فالمطابع الجزائرية تعاملت
كثيرا بالعاطفة مع الصحافة الجزائرية والمستقلة، واذكر بالتحديد مطبعة
الوسط باب الزوار، وهذه المطبعة الحكومية تؤدي فعلا خدمة عمومية مطلقة،
فالكثير من الصحف مديونة بأموال خيالية لذا فلو طلبت المطبعة من الصحف
بتسديد ديونها فان هذه الصحف تغلق أبوابها في 24 ساعة لأنها لن تتمكن من
تسديد ديونها خاصة أمام قضية الورق الذي يبقى كجدلية أو طريق بدون مخرج فهو
ضمن المشاكل العويصة،الغلاء ،الاستيراد، إذن فالمطبعة لا تتعامل فقط مع
الناشرين فهناك الجمارك الجهات الخارجية ومع ذلك فالمطبعة تساهم بشكل كبير
في تجاهل مديونية الجرائد إذا فمطبعة الجزائرية ومطبعة الوسط احدي مؤشرات
حرية التعبير في الجزائر ويتفق الدكتور مهدي زعموم مع الأستاذ عمار عبد
الرحمن اذ يرى ان قضية المطابع العمومية في الجزائر هي قضية أساسية وقد
أنشئت من اجل مساهمة الصحافة وهذا لسحب نسخها بشكل كامل، وكانت المطابع
الحكومية تشكل الدعامة الأساسية للصحافة المكتوبة بشكل عام، إذن المطابع
الحكومية موجهة لخدمة الصالح العام والصحافة العمومية والمستقلة والخاصة في
الجزائر، فلو قامت هذه المطابع بطلب ديونها من الصحف لازالت في مدة لا
تتجاوز يوم واحد بسبب عدم القدرة على الصمود في وجه هذه المطابع لدفع
ديونها فرغم ذلك فالصحافة الجزائرية تصدر بانتظام وباستمرار لان هذه
المطابع تتساهل كثيرا مع المؤسسات الصحفية الجزائرية فهي مبادرة فريدة في
كل دول العالم سيما أمام استيراد الورق من الخارج وبأثمان باهظة وهذا
بطبيعة الحال لخدمة الصحافة الجزائرية إذن المطابع العمومية ساهمت وبشكل
كبير في ترقية حرية التعبير في الجزائر نظرا للخدمة العمومية التي تقدمها
لأنها تستعمل سياسة الرزانة والحكمة وتأخذ بعين الاعتبار وضعية كل عنوان
إعلامي: