بعد رحلة تصفيات كأس العالم وما رافقها من حملات إعلامية ونقاشات بيزنطية بيننا، ومع غيرنا، وما ميزها من شد وجذب، وحزن وفرح، وبعد مايقارب السنتين من الاحتكاك بالكثير من الإخوة العرب من المشرق والمغرب أدركت مدى إخفاقنا في تسويق صورتنا الفعلية خارج الجزائر، أقول صورتنا الفعلية وليست المزيفة والمنمقة، وأدركت مثل غيري مدى ابتعاد إخواننا عنا، وجهلهم بقدراتنا ومقوماتنا، وتاريخنا وحاضرنا، وعدم معرفتهم بشعب وبلد لا يدعي بأنه الأحسن، ولكنه على الأقل يختلف ويتميز عن غيره من الشعوب العربية والإفريقية التي ينتمي إليها، وشعب طيب وكريم ومتعصب لدينه ووطنه، وفيه وعليه مثل غيره ..
*
* اتضح لنا أيضا بأننا تعودنا على الشراء والاستيراد فقط، ولا نملك ثقافة التسويق والتصدير:
* نشتري ونستورد القمح والدواء والكثير من المواد الاستهلاكية، ونضطلع على كل ما يحدث في العالم من تحولات في كل المجالات، ونستهلك مختلف الثقافات من خلال متابعة كل القنوات التلفزيونية، ومقابل ذلك لا نقوم بتصدير وتسويق سوى البترول والغاز وبعض الحاجات، ونعتقد بأننا لسنا بحاجة إلى تسويق صورة الجزائر سياسيا وثقافيا واقتصاديا، وحتى في مجالات السياحة والفنون الإبداع ..
* الجزائر التي صنعت الحدث عندما تأهلت إلى المونديال، وتعاطف مع أبنائها الأعداء والأصدقاء بإرادة وإصرار أبنائها وحكمة وصبر شعبها، عادت إلى الواجهة العربية بفضل منتخبها وشعبها المتعطش للانتصارات وشبابها المتعلق بوطنه، وظهرت للبعض في صورة البلد الذي أراد أبنائه العودة إلى الواجهة من بوابة كرة القدم والمنتخب، ومن خلال رفع تحد كان يبدو بعيد المنال.
* من جهة أخرى استطاع البعض الأخر أن يسوق الجزائر والجزائريين في صورة شعب همجي وعنيف لاعلاقة له بالعروبة والإسلام، ويسرق الأحلام مستعملا وسائل لا أخلاقية وبعيدة عن الروح الرياضية للتأهل إلى المونديال، وكأننا لم يسبق وأن تأهلنا إلى النهائيات من قبل..
* قبل هذا كان الكثير من الإخوة العرب لا يعرفون عن الجزائر سوى أنها بلد المليون والنصف المليون شهيد، وبلد الآلاف من ضحايا الإرهاب وبلد بن بلة وبومدين وبوتفليقة ومرسلي وبولمرقة والشاب خالد. ولأسباب ذاتية وموضوعية لم نقم بدورنا وواجبنا نحو أشقائنا دبلوماسيا وإعلاميا وثقافيا وكذلك اقتصاديا واجتماعيا، واتضح لنا بأن ما يعرفه عنا الكثير من الأشقاء العرب فيه الكثير من المغالطات.
* البعض يعتقد بأن الجزائر صحراء قاحلة وأبنائها لايتكلمون العربية والبعض الأخر يعتقد بأنها لا تزال تابعة لفرنسا ولا يعرفون بأننا لازلنا نطالبها بالاعتذار عن جرائمها قبل قلب الصفحة، ولا يعلمون بأن الجزائر من أجمل البلدان في العالم، لغتها الرسمية هي العربية، ودينها هو الإسلام، وأبنائها يتكلمون كل اللغات ويعيشون بشرف في كل بلاد الدنيا، ولا يرضون بالذل والظلم، ورجولتهم ومبادئهم هي أسلحتهم في الحياة.
* عيوبنا كثيرة أيضا، ولكنها لا تختلف عن عيوب بني البشر الذين يتفوقون علينا في إتقانهم تسويق صورتهم نحو العالم في أحسن حال، في وقت نبقى بعيدين عن ذلك ربما لأن أولوياتنا كانت في أمور أخرى أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وربما لأن ثقافة البيع والتصدير تتطلب جهودا إضافية..
* الدولة من خلال مؤسساتها الرسمية والدبلوماسية والجمعوية لم تقم بواجبها، والجزائريون كأفراد وجمعيات لم تكن لديهم الرغبة والقدرة على تصحيح النظرة، وتسويق صورة جزائر جميلة وقوية ومتفتحة، تحدت الاستعمار والجهل والإرهاب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وهاهي تتفرغ للعودة إلى الواجهة العربية والدولية لتقوم بواجبها وتلعب دورها الإقليمي والدولي.
* التمثيليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج بقيت إلى اليوم غير فعالة، لاتقوم إلا بدورها الرسمي ولا تزيد على ذلك، ولا علاقة لها بجاليتنا إلا في الجانب الإداري، ولا تتواصل مع الشخصيات والجمعيات ووسائل إعلام البلد المضيف، وبقيت في موقعها السلبي المدافع دائما دون القيام بواجبها في تثمين قدرات الجزائر وإمكانياتها وطموحات أبنائها.
* واقعنا الإعلامي وعدم وجود فضائيات تلفزيونية قوية وثرية ومؤثرة كانت له انعكاسات سلبية على عدم قدرتنا على تسويق صورتنا نحو الخارج، وظهر ذلك جليا في الحرب الإعلامية التي شنتها الفضائيات المصرية على بلدنا وشعبنا، دون تصدي من طرفنا لعدم امتلاكنا نفس الأسلحة، مما أعطى الانطباع بأن ما قيل عنا صحيح، وسمح للجهلة بالتمادي في الإساءة إلينا والاعتقاد بأن الجزائر مسكينة وضعيفة لا يمكنها أن ترد ولا تزال غارقة في همومها، ولا يمكن للجيل الحالي أن يدافع عنها متحررا من كل القيود والعقد الرواسب عندما يتعلق الأمر بدينه ووطنه، وعزته وكرامته.
* أما الجالية الجزائرية في المهجر ورغم كثرتها ونفوذها وتواجدها في كل العالم والهيئات، إلا أن تهميش دورها وانعدام التواصل معها حال دون قيامها بالدور الذي تقوم بها جاليات أخرى تجاه بلدانها، مما يفرض علينا إعادة النظر في التعاطي معها، والسماح لها بلعب دورها الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي، وإشراكها في منظومة البناء وتسويق كل ما نقوم به.
* سياستنا السياحية والثقافية أظهرت عقمها وعدم فعاليتها، ولازلنا نستهلك استثمارات الغير ولا نتقن بيع سلعتنا وسياحتنا وثقافتنا الثرية والغنية والمتنوعة، العريقة منها والحديثة، خاصة وأن السلعة ثمينة وجميلة.
* تسويق الصورة بحلوها ومرها، بماضيها المجيد، وحاضرها الجميل ومستقبلها الواعد، يجب أن يكون عملا يوميا مستمرا ودائما من قبل الجميع، وفي كل الاتجاهات دون عقدة أو خجل، في ظل الزخم الإعلامي والثقافي الراهن، وتجاه أجيال جديدة صاعدة لا تعرف بالضرورة بأن الجزائر ليست منتخبها الذي صنع الحدث وتأهل إلى المونديال، وإنما هي أكبر وأعرق من ذلك بكثير، وهي شعب عظيم ومكافح وفخور بوطنه وبتاريخه ومتفائل بمستقبله وقدراته الكبيرة.
* وشعب لا يدعي بأنه الأحسن ولكنه يدرك بأنه ليس الأسوأ..
*
* اتضح لنا أيضا بأننا تعودنا على الشراء والاستيراد فقط، ولا نملك ثقافة التسويق والتصدير:
* نشتري ونستورد القمح والدواء والكثير من المواد الاستهلاكية، ونضطلع على كل ما يحدث في العالم من تحولات في كل المجالات، ونستهلك مختلف الثقافات من خلال متابعة كل القنوات التلفزيونية، ومقابل ذلك لا نقوم بتصدير وتسويق سوى البترول والغاز وبعض الحاجات، ونعتقد بأننا لسنا بحاجة إلى تسويق صورة الجزائر سياسيا وثقافيا واقتصاديا، وحتى في مجالات السياحة والفنون الإبداع ..
* الجزائر التي صنعت الحدث عندما تأهلت إلى المونديال، وتعاطف مع أبنائها الأعداء والأصدقاء بإرادة وإصرار أبنائها وحكمة وصبر شعبها، عادت إلى الواجهة العربية بفضل منتخبها وشعبها المتعطش للانتصارات وشبابها المتعلق بوطنه، وظهرت للبعض في صورة البلد الذي أراد أبنائه العودة إلى الواجهة من بوابة كرة القدم والمنتخب، ومن خلال رفع تحد كان يبدو بعيد المنال.
* من جهة أخرى استطاع البعض الأخر أن يسوق الجزائر والجزائريين في صورة شعب همجي وعنيف لاعلاقة له بالعروبة والإسلام، ويسرق الأحلام مستعملا وسائل لا أخلاقية وبعيدة عن الروح الرياضية للتأهل إلى المونديال، وكأننا لم يسبق وأن تأهلنا إلى النهائيات من قبل..
* قبل هذا كان الكثير من الإخوة العرب لا يعرفون عن الجزائر سوى أنها بلد المليون والنصف المليون شهيد، وبلد الآلاف من ضحايا الإرهاب وبلد بن بلة وبومدين وبوتفليقة ومرسلي وبولمرقة والشاب خالد. ولأسباب ذاتية وموضوعية لم نقم بدورنا وواجبنا نحو أشقائنا دبلوماسيا وإعلاميا وثقافيا وكذلك اقتصاديا واجتماعيا، واتضح لنا بأن ما يعرفه عنا الكثير من الأشقاء العرب فيه الكثير من المغالطات.
* البعض يعتقد بأن الجزائر صحراء قاحلة وأبنائها لايتكلمون العربية والبعض الأخر يعتقد بأنها لا تزال تابعة لفرنسا ولا يعرفون بأننا لازلنا نطالبها بالاعتذار عن جرائمها قبل قلب الصفحة، ولا يعلمون بأن الجزائر من أجمل البلدان في العالم، لغتها الرسمية هي العربية، ودينها هو الإسلام، وأبنائها يتكلمون كل اللغات ويعيشون بشرف في كل بلاد الدنيا، ولا يرضون بالذل والظلم، ورجولتهم ومبادئهم هي أسلحتهم في الحياة.
* عيوبنا كثيرة أيضا، ولكنها لا تختلف عن عيوب بني البشر الذين يتفوقون علينا في إتقانهم تسويق صورتهم نحو العالم في أحسن حال، في وقت نبقى بعيدين عن ذلك ربما لأن أولوياتنا كانت في أمور أخرى أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وربما لأن ثقافة البيع والتصدير تتطلب جهودا إضافية..
* الدولة من خلال مؤسساتها الرسمية والدبلوماسية والجمعوية لم تقم بواجبها، والجزائريون كأفراد وجمعيات لم تكن لديهم الرغبة والقدرة على تصحيح النظرة، وتسويق صورة جزائر جميلة وقوية ومتفتحة، تحدت الاستعمار والجهل والإرهاب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وهاهي تتفرغ للعودة إلى الواجهة العربية والدولية لتقوم بواجبها وتلعب دورها الإقليمي والدولي.
* التمثيليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج بقيت إلى اليوم غير فعالة، لاتقوم إلا بدورها الرسمي ولا تزيد على ذلك، ولا علاقة لها بجاليتنا إلا في الجانب الإداري، ولا تتواصل مع الشخصيات والجمعيات ووسائل إعلام البلد المضيف، وبقيت في موقعها السلبي المدافع دائما دون القيام بواجبها في تثمين قدرات الجزائر وإمكانياتها وطموحات أبنائها.
* واقعنا الإعلامي وعدم وجود فضائيات تلفزيونية قوية وثرية ومؤثرة كانت له انعكاسات سلبية على عدم قدرتنا على تسويق صورتنا نحو الخارج، وظهر ذلك جليا في الحرب الإعلامية التي شنتها الفضائيات المصرية على بلدنا وشعبنا، دون تصدي من طرفنا لعدم امتلاكنا نفس الأسلحة، مما أعطى الانطباع بأن ما قيل عنا صحيح، وسمح للجهلة بالتمادي في الإساءة إلينا والاعتقاد بأن الجزائر مسكينة وضعيفة لا يمكنها أن ترد ولا تزال غارقة في همومها، ولا يمكن للجيل الحالي أن يدافع عنها متحررا من كل القيود والعقد الرواسب عندما يتعلق الأمر بدينه ووطنه، وعزته وكرامته.
* أما الجالية الجزائرية في المهجر ورغم كثرتها ونفوذها وتواجدها في كل العالم والهيئات، إلا أن تهميش دورها وانعدام التواصل معها حال دون قيامها بالدور الذي تقوم بها جاليات أخرى تجاه بلدانها، مما يفرض علينا إعادة النظر في التعاطي معها، والسماح لها بلعب دورها الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي، وإشراكها في منظومة البناء وتسويق كل ما نقوم به.
* سياستنا السياحية والثقافية أظهرت عقمها وعدم فعاليتها، ولازلنا نستهلك استثمارات الغير ولا نتقن بيع سلعتنا وسياحتنا وثقافتنا الثرية والغنية والمتنوعة، العريقة منها والحديثة، خاصة وأن السلعة ثمينة وجميلة.
* تسويق الصورة بحلوها ومرها، بماضيها المجيد، وحاضرها الجميل ومستقبلها الواعد، يجب أن يكون عملا يوميا مستمرا ودائما من قبل الجميع، وفي كل الاتجاهات دون عقدة أو خجل، في ظل الزخم الإعلامي والثقافي الراهن، وتجاه أجيال جديدة صاعدة لا تعرف بالضرورة بأن الجزائر ليست منتخبها الذي صنع الحدث وتأهل إلى المونديال، وإنما هي أكبر وأعرق من ذلك بكثير، وهي شعب عظيم ومكافح وفخور بوطنه وبتاريخه ومتفائل بمستقبله وقدراته الكبيرة.
* وشعب لا يدعي بأنه الأحسن ولكنه يدرك بأنه ليس الأسوأ..