قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } سورة المؤمنون : 8 . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" رواه البخاري ومسلم وأبو داود ، صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم.
يحض الشارع الحكيم ويحض الرسول الكريم على الوفاء بالعهد ، والتحلي بالأمانة. والعهد : هو الأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة. والأمانة في نظر الشرع واسعة الدلالة ، وترمز إلى معان شتى وتتعلق جميعا بشعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه ، وإدراكه الجازم بأنه مسؤول عنه أمام ربه على النحو الذي جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته " رواه مسلم.
ومسؤولية الأمانة لا تقتصر على ودائع المال كما يظن بعض الناس فحسب ، إذا أداه لصاحبه كان أمينا وإذا لم يؤده كان خائنا ، بل تشمل كل التزام يلتزم به الإنسان تجاه ربه ونفسه والناس . لقد تحمل الإنسان الأمانة عن سائر المخلوقات كما يقول الله في محكم آياته : { إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا } سورة الأحزاب : 72.
فهل نص الآيات يقصر الأمانة على حفظ المال فحسب؟! أما أن الأمانة عامة ، ولثقلها أبت العوالم كلها حملها (السموات والأرض والجبال)، وحملها الإنسان وحده؟ فهذا الإنسان ، الصغير الحجم ، القليل القوة الضعيف الحول ، المحدود العمر، والذي تتناوشه الشهوات والنزعات ، والميول والأطماع حمل هذه الأمانة الضخمة فكان مخاطراً في حملها ظلوماً لنفسه وجهولا لطاقته ، وعلى الرغم من ذلك التزم بحملها وأدائها لأنه في تصوره قادر على أن يتحكم في غرائزه وميوله ، دون العوالم الأخرى ، وأن يستعين بخالقه ، وهو المكرم عنده ، قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } سورة الإسراء : 70 .
وحمل الأنبياء والرسل عليهم السلام هذه الأمانة ، وعلموها أتباعهم ، فهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يحث عليها في كل خطبه ، فعن أنس رضي الله عنه قال : ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " رواه أحمد وابن حبان. وقد كان دعاء المسلم لأخيه عند السفر أن يقول له كما كان يقول صلى الله عليه وسلم :" استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك "وعلى هذا تكون الأمانة شاملة القيام بجميع التكاليف والالتزامات تجاه الله والنفس والناس ، فالعبادات أمانة علينا أن نؤديها بتمامها ، ولا ننقص منها شيئاً ما دمنا قادرين على إتمامها ، والعقل الذي منحنا الله إياه وميزنا به عن مخلوقاته الأخرى أمانة ، فلا نعتدي عليه بأن نغيبه بالسكر عن وظيفته ، بل علينا أن ننظمه بالعلم والمعرفة ليستطيع أداء دوره فنكون أدينا الأمانة فيه . والجسم أمانة ، فعلينا أن نغذوه بالحلال من المال ولا نرهقه بالمعاصي ، أو بالعمل الذي يفوق قدرة تحمله ، ولو كان عبادة ، فنكون قد أدينا أمانته ، قال صلى الله عليه وسلم : " نفسك مطيتك فأرفق فيها " رواه مسلم. وزوجك وولدك ووالداك ومن لهم صلة القربى أمانة ، إذا رعيت حقوقهم ونصحتهم ، ووجهتهم التوجيه السليم لتبعد عنهم الأذى وتحرر جسدك وأجسادهم من النار فقد أديت الأمانة ، وأطعت الله ، قــــــال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } سورة التحريم : 6 .
وحق المجتمع عليك أن تحافظ على أمواله وأعراضه وأن تدافع عنه ، وتحفظ سره الذي يشكل خطراً عليه من أعدائه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ } سورة الممتحنة : 1 ، قال المرافي في تفسيره (تلقون إليهم بالمودة) أي تبلغوهم أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا ينبغي لأعدائه أن يطلعوا عليها ، فإذا فعلت ذلك كنت المسيء للناس الخائن لأماناتهم. والأمة في أيدي ولاة الأمور أمانة ، والدين أمانة في أعناق المسلمين وبخاصة العلماء ، والمال في أيدي الناس أمانة فإن أحسنوا التصرف به والقيام عليه ، أدوا الأمانة ، وإلا كانوا ظالمين ، قال تعالى : { وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } سورة الحديد : 7 .
والأمثلة لا تنحصر، لأن كل جزء من هذه الحياة أمانة ، وهكذا نجد أن الأمانة تنظم الاستقامة في شؤون الحياة كلها ، من عقيدة وأدب ومعاملة وعبادة وتكامل اجتماعي وسياسة حكيمة رشيدة وخلق حسن كريم. ومن الأمانة أن تحترم الأمة أفرادا وجماعة عهودها ومواثيقها ، لما في ذلك من اثر طيب على الفرد والجماعة، ولأهمية العهود في فصل المشكلات ، وحل المنازعات ، وتسوية الخلافات ، ولما للوفاء بها من اجر عظيم فقد أمر جل وعلا بالوفاء بها ، فقال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } سورة الإسراء : 34 ، وقال أيضا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } سورة المائدة : 1 ، وقد أثنى الله تعالى على سيدنا إسماعيل عليه السلام بقوله : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } سورة مريم : 54 . وكان أنبياء الله ورسله من الصادقين المنفذين لوعودهم الملتزمين بعهودهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الخيانة فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة ، وما عاهد صلى الله عليه وسلم قوما أو فردا إلا وفى بعهده ، وكان المثل الأعلى في الوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، فقد خلف وراءه عندما هاجر إلى المدينة عليا رضي الله عنه ليرد الأمانات إلى أهلها ، لمن؟! للمشركين الذين أخرجوه من مكة ، ويعاهد يهود حينما أقام دولة الإسلام في المدينة ، ويقرهم على دينهم ، ويؤمنهم على أموالهم ، بشرط أن لا يعينوا الأعداء على المسلمين ، ولم يحاسبهم على فلتات ألسنتهم التي كانت تجرح المسلمين ، بل حاسبهم على غدرهم حينما غدروا. وقد حذر صلوات الله وسلامه عليه من نقض العهود وخيانة الأمانة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ، من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " رواه أبو الشيخ.
للأمانة منقـــــــــــــــــــــــــول
يحض الشارع الحكيم ويحض الرسول الكريم على الوفاء بالعهد ، والتحلي بالأمانة. والعهد : هو الأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة. والأمانة في نظر الشرع واسعة الدلالة ، وترمز إلى معان شتى وتتعلق جميعا بشعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه ، وإدراكه الجازم بأنه مسؤول عنه أمام ربه على النحو الذي جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها ، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته " رواه مسلم.
ومسؤولية الأمانة لا تقتصر على ودائع المال كما يظن بعض الناس فحسب ، إذا أداه لصاحبه كان أمينا وإذا لم يؤده كان خائنا ، بل تشمل كل التزام يلتزم به الإنسان تجاه ربه ونفسه والناس . لقد تحمل الإنسان الأمانة عن سائر المخلوقات كما يقول الله في محكم آياته : { إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا } سورة الأحزاب : 72.
فهل نص الآيات يقصر الأمانة على حفظ المال فحسب؟! أما أن الأمانة عامة ، ولثقلها أبت العوالم كلها حملها (السموات والأرض والجبال)، وحملها الإنسان وحده؟ فهذا الإنسان ، الصغير الحجم ، القليل القوة الضعيف الحول ، المحدود العمر، والذي تتناوشه الشهوات والنزعات ، والميول والأطماع حمل هذه الأمانة الضخمة فكان مخاطراً في حملها ظلوماً لنفسه وجهولا لطاقته ، وعلى الرغم من ذلك التزم بحملها وأدائها لأنه في تصوره قادر على أن يتحكم في غرائزه وميوله ، دون العوالم الأخرى ، وأن يستعين بخالقه ، وهو المكرم عنده ، قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } سورة الإسراء : 70 .
وحمل الأنبياء والرسل عليهم السلام هذه الأمانة ، وعلموها أتباعهم ، فهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يحث عليها في كل خطبه ، فعن أنس رضي الله عنه قال : ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " رواه أحمد وابن حبان. وقد كان دعاء المسلم لأخيه عند السفر أن يقول له كما كان يقول صلى الله عليه وسلم :" استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك "وعلى هذا تكون الأمانة شاملة القيام بجميع التكاليف والالتزامات تجاه الله والنفس والناس ، فالعبادات أمانة علينا أن نؤديها بتمامها ، ولا ننقص منها شيئاً ما دمنا قادرين على إتمامها ، والعقل الذي منحنا الله إياه وميزنا به عن مخلوقاته الأخرى أمانة ، فلا نعتدي عليه بأن نغيبه بالسكر عن وظيفته ، بل علينا أن ننظمه بالعلم والمعرفة ليستطيع أداء دوره فنكون أدينا الأمانة فيه . والجسم أمانة ، فعلينا أن نغذوه بالحلال من المال ولا نرهقه بالمعاصي ، أو بالعمل الذي يفوق قدرة تحمله ، ولو كان عبادة ، فنكون قد أدينا أمانته ، قال صلى الله عليه وسلم : " نفسك مطيتك فأرفق فيها " رواه مسلم. وزوجك وولدك ووالداك ومن لهم صلة القربى أمانة ، إذا رعيت حقوقهم ونصحتهم ، ووجهتهم التوجيه السليم لتبعد عنهم الأذى وتحرر جسدك وأجسادهم من النار فقد أديت الأمانة ، وأطعت الله ، قــــــال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } سورة التحريم : 6 .
وحق المجتمع عليك أن تحافظ على أمواله وأعراضه وأن تدافع عنه ، وتحفظ سره الذي يشكل خطراً عليه من أعدائه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ } سورة الممتحنة : 1 ، قال المرافي في تفسيره (تلقون إليهم بالمودة) أي تبلغوهم أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا ينبغي لأعدائه أن يطلعوا عليها ، فإذا فعلت ذلك كنت المسيء للناس الخائن لأماناتهم. والأمة في أيدي ولاة الأمور أمانة ، والدين أمانة في أعناق المسلمين وبخاصة العلماء ، والمال في أيدي الناس أمانة فإن أحسنوا التصرف به والقيام عليه ، أدوا الأمانة ، وإلا كانوا ظالمين ، قال تعالى : { وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } سورة الحديد : 7 .
والأمثلة لا تنحصر، لأن كل جزء من هذه الحياة أمانة ، وهكذا نجد أن الأمانة تنظم الاستقامة في شؤون الحياة كلها ، من عقيدة وأدب ومعاملة وعبادة وتكامل اجتماعي وسياسة حكيمة رشيدة وخلق حسن كريم. ومن الأمانة أن تحترم الأمة أفرادا وجماعة عهودها ومواثيقها ، لما في ذلك من اثر طيب على الفرد والجماعة، ولأهمية العهود في فصل المشكلات ، وحل المنازعات ، وتسوية الخلافات ، ولما للوفاء بها من اجر عظيم فقد أمر جل وعلا بالوفاء بها ، فقال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً } سورة الإسراء : 34 ، وقال أيضا : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ } سورة المائدة : 1 ، وقد أثنى الله تعالى على سيدنا إسماعيل عليه السلام بقوله : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } سورة مريم : 54 . وكان أنبياء الله ورسله من الصادقين المنفذين لوعودهم الملتزمين بعهودهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الخيانة فيقول : " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة ، وما عاهد صلى الله عليه وسلم قوما أو فردا إلا وفى بعهده ، وكان المثل الأعلى في الوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، فقد خلف وراءه عندما هاجر إلى المدينة عليا رضي الله عنه ليرد الأمانات إلى أهلها ، لمن؟! للمشركين الذين أخرجوه من مكة ، ويعاهد يهود حينما أقام دولة الإسلام في المدينة ، ويقرهم على دينهم ، ويؤمنهم على أموالهم ، بشرط أن لا يعينوا الأعداء على المسلمين ، ولم يحاسبهم على فلتات ألسنتهم التي كانت تجرح المسلمين ، بل حاسبهم على غدرهم حينما غدروا. وقد حذر صلوات الله وسلامه عليه من نقض العهود وخيانة الأمانة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ، من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " رواه أبو الشيخ.
للأمانة منقـــــــــــــــــــــــــول