[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يحيي الشعب الجزائري ، يوم الخامس جويلية، الذكرى
الـ 48 لعيدي الاستقلال والشباب، الذكرى المصادفة للخامس من شهر جويلية من عام،
ليستحضر بشيء من الفخر والاعتزاز حصيلة سنوات طويلة الكفاح العسكري والدبلوماسي،
أتت ثمرها في 19 مارس 1962 بالاتفاق على وقف إطلاق النار. لتدشن في الخامس جويلية
بالاسترجاع الكامل للسيادة الوطنية.
لقد كان استقلال ثمرة كفاح ونضال طويلين،
على المستوى العسكري والسياسي وأثمر بعد مفاوضات متعددة على أنه لا المخرج لمشكلة
فرنسا إلا الذهاب إلى طاولة المفاوضات التي سجل الطرف الجزائري حضوره في حلقاتها
متعددة توردها في ما يلي:
المفاوضات:
فصول معقدة وعناوين لمقاربة الاستقلال
محادثات مولان
بعدما احتدم الوطيس وتواصلت العملية الثورية في
الجزائر ، وتواصلت انتصارات الثورة توصلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
السيدين محمد الصديق بن يحيى وأحمد بومنجل إلى اتفاق مع السلطات الاستعمارية لإجراء
محادثات في 25 جوان 1960 بمدينة مولان الفرنسية ، وقد استمرت هذه المحادثات إلى
غاية 29 جوان من نفس الشهر، غير أنها باءت بالفشل بعد تأكد الطرف الجزائري من نوايا
فرنسا السيئة والخلافات الواضحة بين الطرفين حول العديد من القضايا التي أراد فيها
الفرنسيون إملاء شروطهم سعيا للتعجيل بوقف إطلاق النار لا غير.
وقد شرح فرحات
عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية – في نداء وجهه للشعب الجزائري يوم
5 7 1960 – موقف حكومته من محادثات مولان حين قال “… فعندما اتخذنا في العشرين من
جوان الأخير قرارا يقضي بإرسال بعثة إلى فرنسا لم يفتنا أن نذكر بأن هناك خلافات
كبرى بيننا وبين الحكومة الفرنسية، وفي مولان أتضح أن هذه الخلافات أكبر مما كنا
نظن … فلم يكن تقارب بين وجهات نظر الفريقين فحسب، وإنما وجد مبعوثانا نفسيهما أمام
رفض بات للدخول في المفاوضات … وحتى في المفاوضات تقف الحكومة الفرنسية موقف
الاستعماري العنيد وترفض كلية مناقشة الند للند…” وعليه تواصلت انتصارات الثورة
-رغم الخسائر التي لحقت بها- بأن أفشلت مخطط شال، وفوتت الفرصة على ديغول ومشروعه
الجزائر جزائرية بعد أن استجاب الشعب الجزائري لنداء الجبهة – أثناء زيارة ديغول
للجزائر يوم 9 ديسمبر 1960 – حيث خرج الشعب في أبهر صور التضامن والوطنية في
مظاهرات 11 ديسمبر 1960 عمت مختلف مدن الجزائر من العاصمة، وهران، قسنطينة، بجاية،
البليدة وغيرها، كما صعد جيش التحرير الوطني من كفاحه.
وبمساعي سويسرية ممثلة في شخص اوليفييه لانغ تجددت
اللقاءات بين وفدي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والحكومة الفرنسية في لوسرن
ونيوشاتل، جمعت أحمد بومنجل وأحمد فرنسيس وسعد دحلب بممثلي الحكومة الفرنسية
براغروك، ثم شايي. ولاحقا التقى جورج فومفيدو دولوس بالسيد الطيب بولحروف في
نيوشاتل.
إيفيان
الأولى
كان من المرتقب إجراءها في 7 أفريل 1961 لكنها
تأخرت نتيجة وضع فرنسا السياسي الذي ازداد تأزما، بالإضافة إلى رفض جبهة التحرير
فكرة إشراك أطراف أخرى في المفاوضات عندما أفصح لوي جوكس في 31 3 1961 عن نية حكومة
بلاده إشراك الحركة الوطنية الجزائرية، بالإضافة إلى حادثة اغتيال رئيس بلدية
إيفيان وما تلاه من أحداث نتيجة الضغط الذي أظهره المستوطنون المتصلبون بمواقفهم
المنادية بشعار الجزائر فرنسية ، وقد ذهبوا أبعد من ذلك بأن أسسوا منظمة إرهابية:
منظمة الجيش السري O.A.S .
كما حاول أنصار الجزائر فرنسية من الجنرالات
المتطرفين من أمثال صالون وجوهو وزيلر وشال الإطاحة بالرئيس ديغول في 22 أبريل
1961، مما عرض المفاوضات إلى التأجيل إلى غاية يوم 20 ماي 1961 بمدينة ايفيان، حيث
التقى الوفد الجزائري المشكل من كريم بلقاسم – محمد الصديق بن يحيى – أحمد فرنسيس
-سعد دحلب ورضا مالك وأحمد بومنجل بـلوي جوكس وكلود شاييه وبرونو دولوس …
ورغم
الجلسات المتكررة ما بين 20 ماي – 13جوان 1961 لم يحسم في القضايا الجوهرية إذ
اصطدمت مرة أخرى بإصرار الطرف الفرنسي بمناقشة ملف وقف إطلاق النار بمعزل عن بقية
الملفات، والمساس بالوحدة الترابية للجزائر في إطار سياسة فصل الصحراء، ومسألة
محاولة فرض الجنسية المزدوجة للفرنسيين الجزائريين، إلا أن الطرف الجزائري رفض
المساومة على المبادئ الأساسية التي أقرها بيان أول نوفمبر 1954، الأمر الذي دفع
بالسيد لوي جوكس رئيس الوفد الفرنسي تعليق المفاوضات يوم 13جوان 1961
محادثات
لوغران
استأنفت المحادثات في لوكران ما بين 20 – 28 جويلية
1961 لكن بدون جدوى مما جعل المفاوض الجزائري يبادر هذه المرة إلى تعليقها بسبب
إصرار الحكومة الفرنسية على التنكر لسيادة الجزائر على صحرائها مروجة لمغالطة
تاريخية مفادها أن الصحراء بحر داخلي تشترك فيه كل البلدان المجاورة وبهدف ضرب
الوحدة الوطنية وإضعاف الثورة وتأليب دول الجوار عليها، وبذلك علقت المحادثات نظرا
لتباعد وجهات النظر بين الطرفين لاسيما فيما يخص الوحدة الترابية.
ولم تباشر
الحكومة المؤقتة اتصالاتها إلا بعد أن تحصلت على اعتراف صريح في خطاب الرئيس
الفرنسي شارل ديغول يوم 5 سبتمبر 1961 ضمنه اعتراف فرنسا بسيادة الجزائر على
صحرائها. على إثر ذلك تجددت اللقاءات التحضيرية أيام: 28 – 29 أكتوبر 1961 ثم يوم 9
نوفمبر 1961 في مدينة بال السويسرية جمعت رضا مالك ومحمد الصديق بن يحي بـ شايي ودو
لوس عن الطرف الفرنسي وفي 9، 23 و30 ديسمبر 1961 التقى سعد دحلب بلوي جوكس في مدينة
لي روس لدراسة النقاط الأساسية ومناقشة قضايا التعاون وحفظ النظام أثناء المرحلة
الانتقالية ومسألة العفو الشامل.
ايفيان
الثانية
وبعد أن ضمن المفاوض الجزائري تحقيق المبادئ
الأساسية والسيادية خلال المفاوضات التي جرت بـ لي روس ما بين 11- 19 فيفري 1962
ومصادقة المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة محادثات لي روس أبدى استعداده
للدخول في مفاوضات المرحلة النهائية، توجت في مفاوضات ايفيان الثانية وأخيرة التي
تضمنت وقف إطلاق النار في اليوم الثاني.
في الثامن العشر من شهر مارس 1962 كانت
الثورة المباركة الموقرة تقف على ضفة تحقيق النصر، لتعلن للعالم أجمع أن ما أخذ
بالحديد لا يسترجع إلا بالحديد، وأن وجود قادة الثورة في إيفيان لدليل على قوة
التموقع في دائرة الصراع بين الخير والشر.
ففي هذا اليوم تقف جبهة التحرير
الوطني على أحد طرفي طاولة المفاوضات الدائر لتقرر المسعى النبيل لإرادة الجزائريين
الأحرار، وهم يستعدون لقطف ثمرة التضحيات، الثمرة الأولى بعد أزيد من قرن
ونصف.
وعلى الجهة الجزائرية جلس صناع القدر وفي مقدمتهم سعد دحلب وكريم بلقاسم
أحمد بومنجل، وأحمد فرنسيس والطيب بولحروف ومحمد صادق بن يحيى، رضا مالك، قايد أحمد
كومندان سليمان ، وكومندان منجلي.
وعلى الجهة الأخرى جلس كل من لوي جوكس Louis
Joxe ، وبرنار تريكو Bernard Tricot ورولان كاديه Roland Cadet وإيڤ رولان-بيكار
Yves Roland-Billecart
وكلود شاييه claude Chayet وبرونو دي لوس Bruno de
Leusse وڤينسان لابوريه Vincent Labouret وجان سيمون Jean Simon وHubert de Seguins
Pazzis رائد وروبير بيرون Robert Buron وجان دي برولي Jean de Broglie .
واتفق الطرفان على وقف إطلاق نار رسمي يسري من 19
مارس، ويجسد فكرة التبادل التعاوني بين البلدين، في مسعى أراده شارل ديغول بغية
الحفاظ على المصالح الفرنسية في الجزائر الحرة المستقلة، واستغله الطرف الجزائري
لتحقيق نوعا من المساعدات الفنية والمادية من الحكومة الفرنسية، تضمن السماح
للجزائريين بحرية التنقل من بلدهم إلى فرنسا للعمل… كانت تلك آخر جولة من مفاوضات
امتدت ما بين 7- 18 مارس 1962، حيث توجت بإعلان توقيع اتفاقيات إيفيان وإقرار وقف
إطلاق النار، وإقرار مرحلة انتقالية وإجراء استفتاء تقرير المصير، كما تضمنت هذه
الاتفاقيات جملة من اتفاقيات التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية سارية
المفعول لمدة 20 سنة.
واليوم حين تعود الذكرى تعود معها نشوة النصر الذي تحقق له
منذ 48 سنة، بفضل الكفاح المستميت والإرادة الفولاذية التي كسرت الطوق الاستعماري
وأرغمت المستعمر الفرنسي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات التاريخية التي كللت
بالتوقيع على اتفاقات إيفيان واسترجاع الاستقلال الوطني، وتوجت بالتالي إنجازات
الدبلوماسية الجزائرية التي برزت إلى الوجود مع إعلان بيان أول نوفمبر 1954 الذي
اعتمد نصه تدويل القضية الجزائرية كوسيلة من وسائل الكفاح.
كما تعود معها العبقرية الجزائرية التي أسقطت
المشروع الكولونيالي وقوضت دعائم الصرح الاستعماري وفتحت عصر التجدد والانعتاق، مما
تعكس في وقعها مشاعر العرفان بمكاسب الدبلوماسية الجزائرية التي برزت إلى الوجود مع
إعلان بيان أول نوفمبر، واستمرت انجازاتها منذ تاريخ 19 مارس 1962، وإلى يومنا هذا
في كافة المعارك التي خاضتها البلاد وظفرت بها قصد تعزيز السيادة الوطنية والمحافظة
على وحدة التراب الوطني واستعادة ثرواتها الطبيعية والتأكيد على مبادئها ومصالحها
في الساحة الدولية.
يحيي الشعب الجزائري ، يوم الخامس جويلية، الذكرى
الـ 48 لعيدي الاستقلال والشباب، الذكرى المصادفة للخامس من شهر جويلية من عام،
ليستحضر بشيء من الفخر والاعتزاز حصيلة سنوات طويلة الكفاح العسكري والدبلوماسي،
أتت ثمرها في 19 مارس 1962 بالاتفاق على وقف إطلاق النار. لتدشن في الخامس جويلية
بالاسترجاع الكامل للسيادة الوطنية.
لقد كان استقلال ثمرة كفاح ونضال طويلين،
على المستوى العسكري والسياسي وأثمر بعد مفاوضات متعددة على أنه لا المخرج لمشكلة
فرنسا إلا الذهاب إلى طاولة المفاوضات التي سجل الطرف الجزائري حضوره في حلقاتها
متعددة توردها في ما يلي:
المفاوضات:
فصول معقدة وعناوين لمقاربة الاستقلال
محادثات مولان
بعدما احتدم الوطيس وتواصلت العملية الثورية في
الجزائر ، وتواصلت انتصارات الثورة توصلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
السيدين محمد الصديق بن يحيى وأحمد بومنجل إلى اتفاق مع السلطات الاستعمارية لإجراء
محادثات في 25 جوان 1960 بمدينة مولان الفرنسية ، وقد استمرت هذه المحادثات إلى
غاية 29 جوان من نفس الشهر، غير أنها باءت بالفشل بعد تأكد الطرف الجزائري من نوايا
فرنسا السيئة والخلافات الواضحة بين الطرفين حول العديد من القضايا التي أراد فيها
الفرنسيون إملاء شروطهم سعيا للتعجيل بوقف إطلاق النار لا غير.
وقد شرح فرحات
عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية – في نداء وجهه للشعب الجزائري يوم
5 7 1960 – موقف حكومته من محادثات مولان حين قال “… فعندما اتخذنا في العشرين من
جوان الأخير قرارا يقضي بإرسال بعثة إلى فرنسا لم يفتنا أن نذكر بأن هناك خلافات
كبرى بيننا وبين الحكومة الفرنسية، وفي مولان أتضح أن هذه الخلافات أكبر مما كنا
نظن … فلم يكن تقارب بين وجهات نظر الفريقين فحسب، وإنما وجد مبعوثانا نفسيهما أمام
رفض بات للدخول في المفاوضات … وحتى في المفاوضات تقف الحكومة الفرنسية موقف
الاستعماري العنيد وترفض كلية مناقشة الند للند…” وعليه تواصلت انتصارات الثورة
-رغم الخسائر التي لحقت بها- بأن أفشلت مخطط شال، وفوتت الفرصة على ديغول ومشروعه
الجزائر جزائرية بعد أن استجاب الشعب الجزائري لنداء الجبهة – أثناء زيارة ديغول
للجزائر يوم 9 ديسمبر 1960 – حيث خرج الشعب في أبهر صور التضامن والوطنية في
مظاهرات 11 ديسمبر 1960 عمت مختلف مدن الجزائر من العاصمة، وهران، قسنطينة، بجاية،
البليدة وغيرها، كما صعد جيش التحرير الوطني من كفاحه.
وبمساعي سويسرية ممثلة في شخص اوليفييه لانغ تجددت
اللقاءات بين وفدي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والحكومة الفرنسية في لوسرن
ونيوشاتل، جمعت أحمد بومنجل وأحمد فرنسيس وسعد دحلب بممثلي الحكومة الفرنسية
براغروك، ثم شايي. ولاحقا التقى جورج فومفيدو دولوس بالسيد الطيب بولحروف في
نيوشاتل.
إيفيان
الأولى
كان من المرتقب إجراءها في 7 أفريل 1961 لكنها
تأخرت نتيجة وضع فرنسا السياسي الذي ازداد تأزما، بالإضافة إلى رفض جبهة التحرير
فكرة إشراك أطراف أخرى في المفاوضات عندما أفصح لوي جوكس في 31 3 1961 عن نية حكومة
بلاده إشراك الحركة الوطنية الجزائرية، بالإضافة إلى حادثة اغتيال رئيس بلدية
إيفيان وما تلاه من أحداث نتيجة الضغط الذي أظهره المستوطنون المتصلبون بمواقفهم
المنادية بشعار الجزائر فرنسية ، وقد ذهبوا أبعد من ذلك بأن أسسوا منظمة إرهابية:
منظمة الجيش السري O.A.S .
كما حاول أنصار الجزائر فرنسية من الجنرالات
المتطرفين من أمثال صالون وجوهو وزيلر وشال الإطاحة بالرئيس ديغول في 22 أبريل
1961، مما عرض المفاوضات إلى التأجيل إلى غاية يوم 20 ماي 1961 بمدينة ايفيان، حيث
التقى الوفد الجزائري المشكل من كريم بلقاسم – محمد الصديق بن يحيى – أحمد فرنسيس
-سعد دحلب ورضا مالك وأحمد بومنجل بـلوي جوكس وكلود شاييه وبرونو دولوس …
ورغم
الجلسات المتكررة ما بين 20 ماي – 13جوان 1961 لم يحسم في القضايا الجوهرية إذ
اصطدمت مرة أخرى بإصرار الطرف الفرنسي بمناقشة ملف وقف إطلاق النار بمعزل عن بقية
الملفات، والمساس بالوحدة الترابية للجزائر في إطار سياسة فصل الصحراء، ومسألة
محاولة فرض الجنسية المزدوجة للفرنسيين الجزائريين، إلا أن الطرف الجزائري رفض
المساومة على المبادئ الأساسية التي أقرها بيان أول نوفمبر 1954، الأمر الذي دفع
بالسيد لوي جوكس رئيس الوفد الفرنسي تعليق المفاوضات يوم 13جوان 1961
محادثات
لوغران
استأنفت المحادثات في لوكران ما بين 20 – 28 جويلية
1961 لكن بدون جدوى مما جعل المفاوض الجزائري يبادر هذه المرة إلى تعليقها بسبب
إصرار الحكومة الفرنسية على التنكر لسيادة الجزائر على صحرائها مروجة لمغالطة
تاريخية مفادها أن الصحراء بحر داخلي تشترك فيه كل البلدان المجاورة وبهدف ضرب
الوحدة الوطنية وإضعاف الثورة وتأليب دول الجوار عليها، وبذلك علقت المحادثات نظرا
لتباعد وجهات النظر بين الطرفين لاسيما فيما يخص الوحدة الترابية.
ولم تباشر
الحكومة المؤقتة اتصالاتها إلا بعد أن تحصلت على اعتراف صريح في خطاب الرئيس
الفرنسي شارل ديغول يوم 5 سبتمبر 1961 ضمنه اعتراف فرنسا بسيادة الجزائر على
صحرائها. على إثر ذلك تجددت اللقاءات التحضيرية أيام: 28 – 29 أكتوبر 1961 ثم يوم 9
نوفمبر 1961 في مدينة بال السويسرية جمعت رضا مالك ومحمد الصديق بن يحي بـ شايي ودو
لوس عن الطرف الفرنسي وفي 9، 23 و30 ديسمبر 1961 التقى سعد دحلب بلوي جوكس في مدينة
لي روس لدراسة النقاط الأساسية ومناقشة قضايا التعاون وحفظ النظام أثناء المرحلة
الانتقالية ومسألة العفو الشامل.
ايفيان
الثانية
وبعد أن ضمن المفاوض الجزائري تحقيق المبادئ
الأساسية والسيادية خلال المفاوضات التي جرت بـ لي روس ما بين 11- 19 فيفري 1962
ومصادقة المجلس الوطني للثورة الجزائرية على مسودة محادثات لي روس أبدى استعداده
للدخول في مفاوضات المرحلة النهائية، توجت في مفاوضات ايفيان الثانية وأخيرة التي
تضمنت وقف إطلاق النار في اليوم الثاني.
في الثامن العشر من شهر مارس 1962 كانت
الثورة المباركة الموقرة تقف على ضفة تحقيق النصر، لتعلن للعالم أجمع أن ما أخذ
بالحديد لا يسترجع إلا بالحديد، وأن وجود قادة الثورة في إيفيان لدليل على قوة
التموقع في دائرة الصراع بين الخير والشر.
ففي هذا اليوم تقف جبهة التحرير
الوطني على أحد طرفي طاولة المفاوضات الدائر لتقرر المسعى النبيل لإرادة الجزائريين
الأحرار، وهم يستعدون لقطف ثمرة التضحيات، الثمرة الأولى بعد أزيد من قرن
ونصف.
وعلى الجهة الجزائرية جلس صناع القدر وفي مقدمتهم سعد دحلب وكريم بلقاسم
أحمد بومنجل، وأحمد فرنسيس والطيب بولحروف ومحمد صادق بن يحيى، رضا مالك، قايد أحمد
كومندان سليمان ، وكومندان منجلي.
وعلى الجهة الأخرى جلس كل من لوي جوكس Louis
Joxe ، وبرنار تريكو Bernard Tricot ورولان كاديه Roland Cadet وإيڤ رولان-بيكار
Yves Roland-Billecart
وكلود شاييه claude Chayet وبرونو دي لوس Bruno de
Leusse وڤينسان لابوريه Vincent Labouret وجان سيمون Jean Simon وHubert de Seguins
Pazzis رائد وروبير بيرون Robert Buron وجان دي برولي Jean de Broglie .
واتفق الطرفان على وقف إطلاق نار رسمي يسري من 19
مارس، ويجسد فكرة التبادل التعاوني بين البلدين، في مسعى أراده شارل ديغول بغية
الحفاظ على المصالح الفرنسية في الجزائر الحرة المستقلة، واستغله الطرف الجزائري
لتحقيق نوعا من المساعدات الفنية والمادية من الحكومة الفرنسية، تضمن السماح
للجزائريين بحرية التنقل من بلدهم إلى فرنسا للعمل… كانت تلك آخر جولة من مفاوضات
امتدت ما بين 7- 18 مارس 1962، حيث توجت بإعلان توقيع اتفاقيات إيفيان وإقرار وقف
إطلاق النار، وإقرار مرحلة انتقالية وإجراء استفتاء تقرير المصير، كما تضمنت هذه
الاتفاقيات جملة من اتفاقيات التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية سارية
المفعول لمدة 20 سنة.
واليوم حين تعود الذكرى تعود معها نشوة النصر الذي تحقق له
منذ 48 سنة، بفضل الكفاح المستميت والإرادة الفولاذية التي كسرت الطوق الاستعماري
وأرغمت المستعمر الفرنسي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات التاريخية التي كللت
بالتوقيع على اتفاقات إيفيان واسترجاع الاستقلال الوطني، وتوجت بالتالي إنجازات
الدبلوماسية الجزائرية التي برزت إلى الوجود مع إعلان بيان أول نوفمبر 1954 الذي
اعتمد نصه تدويل القضية الجزائرية كوسيلة من وسائل الكفاح.
كما تعود معها العبقرية الجزائرية التي أسقطت
المشروع الكولونيالي وقوضت دعائم الصرح الاستعماري وفتحت عصر التجدد والانعتاق، مما
تعكس في وقعها مشاعر العرفان بمكاسب الدبلوماسية الجزائرية التي برزت إلى الوجود مع
إعلان بيان أول نوفمبر، واستمرت انجازاتها منذ تاريخ 19 مارس 1962، وإلى يومنا هذا
في كافة المعارك التي خاضتها البلاد وظفرت بها قصد تعزيز السيادة الوطنية والمحافظة
على وحدة التراب الوطني واستعادة ثرواتها الطبيعية والتأكيد على مبادئها ومصالحها
في الساحة الدولية.