[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يبدو للبعض ان التعامل مع ايران في ظل هذه الحملة الغربية الأمريكية العدائية عليها ضرب من المغامرة.. ولاسيما إذا كان التعامل يندرج في باب التبادل التجاري والتعاون في مجالات التنمية والتطوير، فكيف يتم خرق عملية التخويف والترهيب الأمريكي المحيطة بإيران وبأي علاقة معها؟ ان هذا الكلام يعتبر مدخلا مناسبا للحديث عن العلاقات الجزائرية الايرانية التي لم تتلعثم سوى أيام معدودات بسبب اخطاء تكتيكية سريعا ما استدركها البلدان لتستمر العلاقة بينهما عميقة مثمرة ومفيدة لكلا البلدين المسلمين.
يبدو للبعض ان التعامل مع ايران في ظل هذه الحملة الغربية الأمريكية العدائية عليها ضرب من المغامرة.. ولاسيما إذا كان التعامل يندرج في باب التبادل التجاري والتعاون في مجالات التنمية والتطوير، فكيف يتم خرق عملية التخويف والترهيب الأمريكي المحيطة بإيران وبأي علاقة معها؟ ان هذا الكلام يعتبر مدخلا مناسبا للحديث عن العلاقات الجزائرية الايرانية التي لم تتلعثم سوى أيام معدودات بسبب اخطاء تكتيكية سريعا ما استدركها البلدان لتستمر العلاقة بينهما عميقة مثمرة ومفيدة لكلا البلدين المسلمين.
- تنوع تكاملي في اطار استراتيجي
- هناك من النقاط التي تحسب في ميزان هذه العلاقة على المستوى الاستراتيجي، ذلك أن البلدين مسلمان كبيران أحدهما في المشرق الاسلامي والآخر في المغرب، وثانيهما ان أحدهما عربي والآخر غير عربي، وثالثهما ان غالبية احدهما شيعية، فيما أهل البلد الأخر سنة.. وفي البلد الذي اكثره شيعة الآن كانت مملكة سنية قوية، وفي البلد الآخر الذي سكانه سنة كانت مملكة شيعية (الفاطميين)، احدهما متميز بدوره الاستراتيجي في آسيا والآخر متميز بدوره الاستراتيجي في افريقيا.. وهناك عامل آخر مهم للغاية وهو يجعل من كل المعاملات السابقة عوامل تجميع وتكامل في اطار علاقات طبيعية قوية انه معامل الثورة الذي جلّى الشخصية الجزائرية على خصائصها الأصيلة وجعل الجزائر عنوانا لثورات التحرر في العالم كما كان للثورة الايرانية الشعبية ضد الهيمنة الامريكية والنظام الحليف لاسرائيل وامريكا تميزها على صعيد الثورات الشعبية وهي في هذا الإطار من انجح الثورات الشعبية التحررية وهي قوة اصيلة لصالح القضية الفلسطينية وضد اطماع الغربيين في المنطقة .
- هكذا يمكن فهم العلاقة بين الجزائر وايران على المستوى الاستراتيجي بأنها سياق طبيعي منسجم مع تكون كل من البلدين وتطورات اوضاعه السياسية والثقافية والاجتماعية.. وهكذا تتضح اهمية العلاقة بين البلدين لكل منهما، كما ان هذه العلاقة قادرة على إحداث التوازن المطلوب في الأمة، لأنها تعني عملية تركيب للتنوع التكاملي الذي ينشئ طمأنينة داخل قطاعات الأمة واجزائها.. فالجزائر بلد كبير كما هو حال ايران. وبلد لديه ثرواته كما ايران ولن يتسول احدهما من الآخر ولن يكون احدهما بحاجة لمساعدة من الآخر بلا مقابل ضروري ومهم.. وكل منهما لا تسكنه عقدة نقص تجاه الآخر، فهي علاقة متكافئين في الإطار الاسلامي الكبير .
- العلاقة من اجل مصلحة البلدين
- نفهم ان الموقف الايراني له مبررات حقيقية في مد الجسور مع الدول العربية وتقليص جبهة العداء فيما حولها بعد ان تطوع كثير من الدول العربية في المنطقة للانحراط في حملة التخويف والتشكيك في النوايا.. وفي الوقت نفسه يتبادر الى الذهن سؤال: لم تتوجه الجزائر - في هذه الظروف الصاخبة حول ايران- نحو اختراق القرار الغربي في محاصرة ايرن..؟ بلا شك المسألة هنا تتعلق بفهم معين لطبيعة إرادة الدول وسياداتها في اقامة علاقاتها الخارجية بعيدا عن الوصاية والهيمنة الخارجية.. والمراعاة فقط تكون لعقيدتها السياسية ومصالح شعوبها بشكل اساسي .
- ان المتابع للثقافة الايرانية المعاصرة يجد حيزا كبيرا في المكون المفاهيمي يعود للثورة الجزائرية التي كانت في منتصف القرن العشرين ملهمة للأحرار في العالم، ولعلنا بمراجعة بسيطة لكبار المثقفين والمفكرين الإيرانيين يومذاك نلاحظ ان علي شريعتي منظر الثورة وآية الله مطهري فيلسوفها كانا على تواصل مع وقائع الثورة ويتعاملان معها كأكبر حدث حصل في الأمة ويتابعان تطوراتها، محيلين عليها اهمية بث القكر الثوري في الأمة.. وكما يقول الايرانيون ان هواري بومدين تدخل لدى الشاه الايراني للإفراج عن علي شريعتي.
- </li>
- علاقات تاريخية متميزة بين البلدين
- وبمتابعة اكثر من ثلاثين سنة سابقة نجد ان العلاقات استراتيجية بدءا من تدخل الجزائر لعقد صلح بين ايران والعراق مرورا بالدور الجزائري في انهاء أزمة اعضاء السفارة الأمريكية بطهران الى رعاية المصالح الايرانية بأمريكا.. وكان للجزائر دور متميز في محاولة إخماد نار الحرب بين العراق وايران، وقدمت الجزائر وزير خارجيتها شهيدا في تلك المهمة الكبيرة .. ولم توافق الجزائر على الحرب العراقية الايرانية، كما انها لا توافق الآن على التهديدات التي تروج ضد ايران .
- في هذا السياق، نرى ان انتقال رئيس حكومة الجزائر مع وفد رفيع الى طهران لتوقيع العديد من الاتفاقيات انما هو سلوك طبيعي ويأتي في سياقه التاريخي.. وهو سيعود بلا شك بالفائدة على البلدين، كما انها تكريس لسيادتهما وسيكون فيه الخير الكبير للعرب والمسلمين على الصعيد المعنوي وعلى الصعيد العملي.. ومن هنا بالضبط يمكن القول ان كثيرا من المشكلات العالقة في المنطقة سيصبح من الممكن التوصل لحل مرضي بخصوصها وسيكون المناخ الأخوي والتكاملي بين البلدين الكبيرين فرصة لتوضيح كثير من المسائل التي من شأنها نزع فتائل التوتر بين ايران وبعض العرب .. كما ان ذلك من شأنه أن يساعد في التفاهمات الدولية ونزع التشاحن حول ملفات اقليمية خطرة وللجزائر باع طويل في ذلك لاسيما مع ايران ..
- ان الجزائر كما عودت المتابعين تسير في منهجية من السلوك السياسي الذي يحتكم للمصالح العليا دونما ضجيج. .وبروح مسؤولية عليا تتحرك في حقول الألغام لنزع فتائل الصراع وتقوية التضامن العربي والاسلامي.. ولعل ايران ترى في ذلك جسرا قويا للتعامل المفيد مع العرب.