يشير مهنيو وممارسو تربية النحل إلى
وجود نحو 600 نوعا من العسل بالجزائر تجعلهم أقرب من أي وقت مضى للإنضواء
بهيكل للوقوف بوجه التحديات التي تواجههم والدفاع عن مصالحهم.
بدأت مهنة “النحال”، أو مربي النحل، تزحف
نحو الانتشار أكثر، شاقة بذلك طريقا للتواجد في الأوساط الفلاحية عبر
مساحات فلاحية واسعة في ربوع الجزائر الواسعة.
في هذا الإطار كان لموقع الإذاعة
الجزائرية فرصة للحديث مع عدد من النحالين، الذي تحدثوا بإسهاب عن المهنة
التي طالما أحبوها وعشقوها وبادلوها العشق حتى صارت جزء لا يتجزأ من
يومياتهم:
وفي هذا الشأن يؤكد فيلالي رابح، هو كهل
في الخمسين من العمر، وينحدر من ولاية قسنطينة، أنه بدأ تربية النحل منذ
العام 1981، وما زال معها إلى يومنا هذا، لم تقنعه السنوات التسع والعشرون
على تطليق هذه المهنة، أو هجرها، ذلك أن ما فيها من متعة أبلغ من كل تعب
يمكن أن يلاقوه في الحل والترحال بحثا عن الرحيق في مختلف مناطق قسنطينة،
والولايات بالمجارة لها بالشرق الجزائري:
الموقف ذاته يشاركه فيه فيصل الوهراني، من
درارية من العاصمة، الذي بالإضافة إلى اشتغاله بإحدى الإدارات، يمارس نشاط
تربية النحل، ذلك لما فيها من متعة وحلاوة كبيرتين، بل الأبلغ من ذلك أن
يكون ناجحا فيها:
تعدد أنواع العسل بتعدد مناطق رعي النحل
تتعدد أنواع العسل بتعدد الخصائص النباتية المختلفة من منطقة إلى أخرى ومن توع نباتي.
ومن منطلق هذا التصنيف يعدد النحالون العسل بأزيد من 600 نوع تزخر بها الجزائر طولا وعرضا.
وفي هذا الصدد يقول فيصل أنها كثيرة
ومتنوعة بتنوع الأماكن والمساحات الخضراء، فمنها العسل الجبلي ومنها عسل
الكافور الذي تنتجه مستغانم، ومن عسل الحوامض، ومنها السنارية في تيسمسيلت:
موازاة مع ذلك يشدد فيلالي رابح على أنه
لا خصوصية لعسل على الآخر، وإنما الخصوصية في الغطاء النباتي الذي يميز كل
منطقة على أخرى، والأصل في العسل أن يكون بعيدا عن الغش:
” جميع أنواع العسل مفيدة إذا كانت سليمة
من الغش، وتبقى لكل منطقة خصوصياتها” يقول حمدي مصطفى من ولاية غرداية،
الذي تطرق في تصريحه لموقع الإذاعة إلى أن من أهم ما تختص به ولاية غرداية،
يوجد عسل السدر والشيح والرتم والحرمل والزعتر:
مشاكل وعوارض تربية النحل
يشتكي مربو النحل من عدد من المشاكل الذي
تعترض نشاطهم اليومي ومن بينها سرقة النحل، أو العوارض الأمنية التي
تعترضهم لما تكون مراعي النحل بعيدا عن أعينهم، كأن تكون في المناطق
الجبلية، غير أن هذين المشكلين أيسر وأهون من مشكل آخر يودي إلى موات النحل
– يقول فيصل الوهراني – ويتعلق بالمبيدات الحشرية التي يستعملها الفلاحون
في علاج أشجارهم، وهذا المشكل من الصعوبة بمكان أن يجد له مربي النحل حل،
فمصائب قوم عند قوم فوائد:
الدعوة إلى التكيف مع التحديات
يسعى مربو النحل تفعيل دعوى التكاتف في ما بينهم من أجل مواجهة التحديات التي تحيط بقطاع تربية النحل ويفرضها عالم اليوم.
ففي هذا الصدد يدعو فيلالي رابح على جميع
المربين إلى تنظيم أنفسهم لمواجهة التحديات والتي أصبحت تفرض على المنتجين
التكاتف أكثر، تحت تنظيم وطني تشرف عليه الدولة الجزائرية، ويسمح بصيانة
المنتوج أكثر من الغش، ومن المواد الدخيلة عليه ولا يكون ذلك إلا بواسطة
استحداث مخابر وطنية وظيفة مراقبة الأصيل النظيف من المغشوش:
غلاء الأسعار هاجس المنتج والمستهلك
ورغم أهمية العسل وقيمته الصحية فإن هاجس
السعر ظل يهيمن على الطرفين منتجا ومستهلكا، وإذا كان المستهلك يعلل ذلك
بضعف القدرة الشرائية للمواطن، فإن المنتج يرى أن تكاليف إنتاج العسل أغلى ـ
يقول فيصل الوهراني ـ فإنتاج عسل السدر يكلفهم نقل خلاياهم حتى إلى
المناطق السهبية بالقرب من مدن عين وسارة وحد السحاري بولاية الجلفة، حيث
يكترون مساحات واسعة يضعون فيها خلاياهم.
في حين يذهب فيلالي رابح إلى أن سبب ذلك
يعود لقلة الإنتاج التي من المفروض أن تكون أكثر، والتي لا تتأتى إلا بوضع
اليد في اليد، والتنسيق مع وزارة الفلاحة ومصالح الغابات في الحفاظ على
العطاء النباتي وتجديده كلما دعت الضرورة لذلك:
وهذا ورغم كل الأحوال تبقى فاعلية العسل
حقيقة يدعمها القرآن في كثير من آياته، كما يدعمها المنقول عن النبي محمد
صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك تخصيص الله عز وجل سورة من القرآن
عرفت باسم سورة النحل، التي في كل آية من آياتها دليل واضح على نعمة من
نعم الله التي لا تحصى، ودليل وحجة على تيسير سبل انتفاع الإنسان بما خلق
الله على الأرض وما أنزل عليها وما أودعه في البحار والأنهار وما أخفاه في
التراب والجبال.
أما ما تعلق بالأحاديث النبوية نجد ما
رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رجلا جاء إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم – فقال : إن أخي استطلق بطنه فقال له صلى الله
عليه وسلم) اسقه عسلاً (فسقاه عسلاً . ثم جاء فقال يا رسول الله سقيته
عسلاً فما زاده إلا استطلاقاَ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) صدق
الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا (فذهب الرجل فسقاه عسلا فبريء.