يعطي الجدل الدائر حول ما اذا كان بامكان عدد من الدول الناشئة ان تخترق
بفاعلية مراسلات أجهزة بلاكبيري لمحة نادرة عن العالم الخفي لانظمة
المراقبة الالكترونية الحكومية التي بدأت بالفعل تغير من شكل السياسة والجاسوسية والتجارة.
ويدور
حاليا نزاع بين المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة من
جانب وشركة (ريسيرش ان موشن) المصنعة لهواتف بلاكبيري الذكية من جانب اخر
وتقولان انهما تريدان أن تكون لديهما القدرة على الاطلاع على البيانات
المشفرة لرصد المخاطر الامنية وسط تهديد بحجب خدمة الرسائل الفورية.
ويبرز
هذا الخلاف الهوة المتزايدة بين فكرة الانترنت الحر ورغبة عدد متزايد من
الحكومات غير الديمقراطية من الصين الى ايران في السيطرة على المعلومات
وتعميق المراقبة لمواجهة المعارضة والتمرد.
كما تطالب أجهزة الامن
الهندية بالقدرة على الاطلاع على رسائل بلاكبيري كشرط للمزيد من التوسع
قائلة انها تعتقد أن متشددين استخدموا هذه الهواتف للمساعدة على التخطيط
لهجمات مومباي والتي سقط خلالها 116 قتيلا.
قال جوناثان وود وهو محلل
للشؤون العالمية في مؤسسة كونترول ريسكس للاستشارات التي تتخذ من لندن مقرا
“هذا جزء من اتجاه أوسع نطاقا.” وتقدم الشركة مشورة للشركات في الشؤون
الامنية والفساد والسياسة وغيرها من المسائل.
وأضاف “بعد هجمات 11
سبتمبر كان هناك توسع هائل لدى القوى الغربية في مراقبة الاتصالات
الالكترونية لاغراض الامن القومي. تسعى دول أخرى الان الى اللحاق بالركب.
الفارق هو أنها تريد استخدامها بشكل أوسع نطاقا.”
مبعث قلق على وجه التحديد بالنسبة للشركات الغربية
وربما
يتراوح هذا بين مراقبة واحباط الملايين من المعارضين المحتملين وبين
التفوق في الصفقات التجارية وهو مبعث قلق على وجه التحديد بالنسبة للشركات
الغربية التي تتنافس أحيانا مع الشركات المدعومة من الدولة.
وأصبحت
هواتف بلاكبيري أداة لا غنى عنها للعاملين في البنوك ومديري الشركات
والنشطاء السياسيين والدبلوماسيين. ومن الاسباب الرئيسية للاقبال على
استخدامها هي الدرجة المرتفعة من الامن الذي تكفله لبياناتها.
ويقول
البعض ان هناك بالفعل ازدواجية في المعايير. اذ ان خوادم بلاكبيري موجودة
في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا. وليس هناك أدنى شك في أن أجهزة
المخابرات في تلك الدول تتمكن من الدخول على هذه الخوادم.
وربما يكون
نتيجة لذلك أن حظرت فرنسا على مسؤوليها استخدام مثل هذه الاجهزة. لكن أغلب
المحللين يقولون ان المساعي الغربية تركزت أساسا على محاولة استخدام أشكال
اعتراض البيانات الالكترونية لرصد عدد صغير من المتشددين وأفراد الجريمة
المنظمة وغيرهم بمن في ذلك المولعون بالتقاط صور فاضحة للاطفال.
ومن
الواضح أن بعض الدول الناشئة تستهدف المعارضين السياسيين الذين جعلت
الاتصالات الالكترونية الرخيصة التي يصعب اعتراضها بالنسبة لهم عملية
التنظيم أسهل كثيرا.
وقال أحمد منصور وهو مدون من الامارات العربية
المتحدة “عندما تم ادخال بلاكبيري بدأت أتلقى رسائل تنتقد الحكومة من أشخاص
لم أرهم أبدا يشتركون في مثل هذه الانشطة… بدأ الناس العاديون يبحثون
قضايا شائكة.”
وأظهرت الاضطرابات الواسعة النطاق والتي يتم التنسيق لها
على الانترنت بعد الانتخابات الايرانية في العام الماضي المتنازع على
نتائجها كيف أن مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع أخرى مثل تويتر يمكن أن
يجري استغلالها في حشد المعارضة. ومنذ ذلك الحين أحكم الكثير من الدول
الرقابة وحجبت مواقع مثل فيسبوك Facebook وتويتر Twitter .
وفي أكبر
خلاف يثور حول مواقع الانترنت الى الان أثارت جوجل غضب بكين في وقت سابق من
العام الحالي عندما أعلنت أنها لن تلتزم بقواعد الرقابة الصينية.
وقالت
ان خوادمها عانت من عمليات اختراق عديدة من الصين التي ينظر لها على أنها
ترغب بشدة في رصد المعارضين عبر الانترنت وفي الوقت ذاته الحد من الدخول
على مواقع الخارج من خلال مواقع التأمين والحماية لديها.
انترنت عالمية لا حدود لها
وكتب
ايان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا للاستشارات في مجال المخاطر السياسية يقول
“كل الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات في مجال التكنولوجيا المتقدمة تسعى
جاهدة لانترنت عالمية لا حدود لها في الوقت الذي أصبحت فيه دول استبدادية
في أنحاء العالم ترغب في شبكات داخلية ذات مقار اقليمية حيث يمكن للحكومات
أن تمارس السيادة على الخوادم وأجهزة توجيه البيانات الخاصة بها.”
كان
مستوى القدرة على الدخول على خوادم بلاكبيري حتى يتسنى لاجهزة المخابرات
الاطلاع على رسائلها محور المفاوضات من أجل طرح هذه الاجهزة في أنحاء
العالم وكانت شركة (ريسيرش ان موشن) متكتمة بشدة على ما تم الاتفاق عليه.
حتى وان لم يكن هناك اتفاق يقول خبراء ان هناك طرقا يمكن من خلالها أن
تتمكن أجهزة المخابرات من خرق أمن بلاكبيري.
وقال بيورن روب الرئيس
التنفيذي لشركة (جي.اس.ام.كيه) المصنعة للهواتف الامنة “الحظر الصريح..
أسلوب غير لائق… أغلب الدول التي ترغب بشدة في مراقبة اتصالات مواطنيها
تتصرف بطريقة متقدمة وحذرة من أجل ابعاد مثل هذه الانشطة عن أنظار
المواطنين.” وتمد الشركة الحكومات والمشاهير والقوات المسلحة بأجهزتها.
وفي
روسيا استغرق طرح بلاكبيري عامين من المفاوضات وتطلب موافقة جهاز
(اف.اس.بي) المعني بأمن الدولة والذي يحق له المراقبة بموجب قوانين مكافحة
الارهاب وطالب بأن يكون مقر الخوادم في روسيا. كما أن التوسع في الصين
استغرق عامين من المباحثات الامنية.
وفي الخليج يقول نشطاء سياسيون ان
الرسائل الفورية الامنة لبلاكبيري زادت بصورة كبيرة من قدرتهم على الاتصال
ببعضهم بعضا. واذا تم حجب هذه الخدمة فسوف يتحولون الى أدوات أخرى مثل
مكالمات سكايبي المشفرة.
وقال أحمد حامد وهو محام من الامارات ونشط في
حقوق الانسان ان بلاكبيري كان ثوريا في المنطقة وأضاف “لقد نبههم. أعتقد
أنه أمر لن ينتهي