تحصي وزارة التضامن الوطني والأسرة أكثر من ثلاثة ملايين ونصف من المسنين عبر التراب الوطني وعدد المراكز المخصصة لهذه الفئة في تزايد حيث تبلغ 39 مركز بقدرة استيعاب وصلت إلى 4540 مسن.
و تم الكشف عن هذه الأرقام سابقا خلال ملتقى وطني حول أمراض الشيخوخة وعملية التكفل بهم والذي التأم بمناسبة إحياء اليوم الوطني للمسنين بمشاركة عدد من الأخصائيين النفسيين وأطباء ومربين.
وقد تغيرت نظرة الحكومة الجزائرية تجاه قضية ” حماية الأشخاص المسنين ” وصون كرامتهم واحترام حقوقهم من نقاش نظري إلى قضية ” واجب وطني ” وبدأ يتجسد ذلك الأمر وفقا لأحكام و مواد مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص المسنين درسه مؤخرا مكتب المجلس الشعبي الوطني ليناقش مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص المسنين هذا الأحد 03/ 10/ 2010.
ودليل ذلك ما أشار إليه نص هذا المشروع الذي أعدته وزارة التضامن الوطني والأسرة الذي جاء فيه أنه”أصبح من الواجب الوطني أن تنمي حماية الأشخاص المسنين وصون كرامتهم واجب احترام حقوقهم لا سيما عن طريق تحديد دور و واجبا ت الأسرة خاصة الفروع منها و تطبيق مساعدة خاصة قصد مرافقة ملائمة”.
كما تتضمن هذه الحماية الاستفادة من جهاز الوقاية من الأمراض من طرف الهياكل القاعدية المتخصصة في العلاج و تطوير النشاطات الثقافية و الرياضية و الترفيهية مع توفير دخل محترم وعند الضرورة فقط الالتحاق بالمؤسسات المتخصصة و الوضع لدى عائلات استقبال.
الأسرة هي المسؤول الأول على المسن رغم إعانات الدولة
و يتعين على الأسرة في المقام الأول أن تستمر في خدمة أشخاصها المسنين و صون كرامتهم في إطار التضامن الذي تنميه باستمرار نحو كل من بحاجة لاهتمامها و رعايتها.
و تكون الأسرة الضامن الأول للتكفل بالأشخاص المسنين الذين تربطهم بها علاقة وطيدة و تبقى مسؤوليتها قائمة رغم الإعانات الأخرى مهما كان مصدرها والمقدمة لهؤلاء الأشخاص لتسهيل المعيشة اليومية لكل الأسرة.
و يجب على المجموعة الوطنية مواصلة العمل لتدعيم علاقات التضامن ما بين الأجيال و ما بين المهن من اجل المحافظة على العلاقات الاجتماعية و استمرار القيم الاجتماعية في إعطاء الآثار المفيدة لتعزيز التلاحم الاجتماعي.
وأضافت وثيقة مشروع القانون أنه يجب أيضا على الدولة أن “تضمن مسؤوليتها في مجال تعزيز الطرق والوسائل الكفيلة بتدعيم أسس الاستقرار الاجتماعي من خلال صلاحياتها كقوة عمومية التي تخولها سلطة تشريع و تنظيم تنفيذ مختلف التدابير والنشاطات في صالح هذه الفئة من المواطنين”.
و تتمثل مهمتها في “السهر على أداء الأسرة لواجباتها تجاه الأشخاص المسنين و مرافقة الجمعيات في توفير الخدمات و الحلول البديلة عند انعدام الروابط الأسرية أو انقطاعها و عند الضرورة استقبال الأشخاص المسنين المحرومين و بدون روابط أسرية بالمراكز المتخصصة”.
و لهذا الغرض فان المشروع يرمي إلى تحديد الإطار العام المتعلق بحماية الأشخاص المسنين و التكفل بهم وإعطائهم المكانة التي تليق بهم و ينص على عقوبات جزائية ضد مرتكبي المخالفات المنصوص عليها.
ويؤكد مشروع القانون على أن حماية الأشخاص المسنين وصون كرامتهم تشكل التزاما وطنيا و أن للشخص المسن الحق في العيش بصفة طبيعية محاطا بأفراد أسرته.
و حسب بنود هذا المشروع ، تتلقى الأسر المحرومة أو في حالة هشة إعانة من الدولة والجماعات المحلية ومن المؤسسات المتخصصة المعنية التي تتخذ في إطار اختصاصاتها التدابير المناسبة لمساعدة هذه الأسر للقيام بواجب التكفل بأشخاصها المسنين و تشجيع إدماجهم في وسطهم الأسري والاجتماعي.
وأبرز النص، انه يجب على الأشخاص المتكفلين بالمسنين الذين يتوفرون على إمكانيات كافية للقيام بذلك أن يضمنوا التكفل بأصولهم و حمايتهم باحترام وتفان وتقدير.
وتهدف حماية المسنين إلى “دعم إبقاء الشخص المسن في وسطه العائلي و تعزيز علاقاته الأسرية و السهر على راحته و صون كرامته و تسهر الدولة على الحفاظ على كرامة الأشخاص المسنين و واجب احترامهم في كل الحالات و في كل الظروف لا سيما واجب الإعانة والمساعدة و حماية حقوقهم”.
للمسنين حق النقل المجاني والمخالفون تحت طائلة الحبس والغرامة
وورد في هذا المشروع ، أن الدولة تسهر على مساعدة الأشخاص المسنين في الذين يعيشون حياة هشة لا سيما محاربة كل أشكال التخلي و العنف و سوء المعاملة و الاعتداء و التهميش و الإقصاء من الوسط الأسري و الاجتماعي.
و يستفيد الأشخاص المسنون المحرومون أو في وضع صعب أو في وضعية اجتماعية هشة من مجانية النقل البري و الجوي و البحري و النقل بالسكك الحديدية أو من التخفيض من تسعيراته.
أما بخصوص الأحكام الجزائية ينص مشروع القانون في إحدى مواده أن كل من ترك شخصا مسنا أو عرضه للخطر يعاقب حسب الحالات بنفس العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات لا سيما المادتان 314 و 316 منه.
ويعاقب بموجب هذا القانون الأشخاص المخالفون لأحكامه بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة مالية تتراوح ما بين 000 20 دج إلى 000 500 دج حسب الحالات.
وفي هذا اليوم : ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان “.
والحال أن هذه الفئة ما زالت في الجزائر تعاني الإقصاء والتهميش ، ومن كتب عليهم العيش في دور العجزة يفتقدون الحنان والدفئ العائلي في هذه السن الحرجة بعد سنوات من التنشئة الاجتماعية والأسرية .
كما أن الظروف الاجتماعية لاتعني شيئا لهذه الفئة التي اجتمعت على رأي واحد بخصوص هذا الملف إذ صرح مجموعة من المسنين وأبنائهم أن هذا اليوم يتقاطع مع ثقافتنا الإسلامية وحماية الأولياء ورعايتهم هي مسؤولية أسرية قبل كل شيئ وباختصار عبر المستجوبون عن فكرة واحدة مفادها ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان “.
الجزائر سجلت 250حالة ضرب للأولياء سنة 2008
إلا أن الصورة الجميلة التي التقطتها ميكروفونات الإذاعة الجزائرية عن واقع اغلب المسنين في الأسر والعائلات الجزائرية التي تحتكم إلى الاديولوجية الدينية في أدب المعاملات مع هذه الفئة مصدر الفخر الدائم .
هذا لم يمنع حسب الإحصائيات الأمنية للدرك الوطني من وجود مسنين في الجزائر يعانون التعنيف وحتى الضرب على يد أقربائهم ، وفي هذا السياق الاجتماعي الذي لايعكس الصورة الإجمالية للتراحم الموجود في جسم المجتمع الجزائري ، إذ سجلت 250 حالة ضرب واعتداء على الأولياء سنة 2008 جلها بولاية وهران .
وتبقى هذه التجاوزات وان قلت رهينة القانون الجديد الذي ينتظر المصادقة البرلمانية عليه في الدورة الخريفية الحالية لضمان حياة كريمة لهذه الفئة التي ما فرطت في الماضي القريب على اعتبار أن معظمها من جبل الثورة ، وما فرطت في تكوين الناشئة التي هي آباء اليوم .
وعلى الرغم من ذلك الخوف كل الخوف من الإحصائيات الحقيقية المستورة التي لاتحمل الآباء المسنين من الإبلاغ عنها لأسباب تتراوح في مجملها او لاتخرج من دائرة خشية الآباء على قرات أعينهم أكثر من خشيتهم على أنفسهم مبطلين بذلك إعمال القانون من حيث المبدأ او بالأحرى المنطلق .
أما عن الظاهرة من الناحية الدينية تعد كبيرة من الكبائر ، و في ذلك يقول ، الأستاذ المخفي بوخماشة ، مسؤول دائرة الشؤون الثقافية بمديرية الشؤون الدينية لولاية وهران ،
ضرورة المساعدة الطبية لتشخيص أمراض المسنين
وقد أكدت رئيسة الجمعية الوطنية للشيخوخة المسعفة إحسان اليوم أن المسن في الجزائر لايزال يعاني كل أشكال الإهمال و التهميش ، لذا يجب الاهتمام الكبير بهذه الشريحة الاجتماعية من حيث التكفل بالجانب الصحي و الاجتماعي له .
وتضيف المتحدثة أن هذا الشخص المسن سخر كل حياته من اجل البلاد وخاصة عائلته ، لذا يجب اخذ هذا المبدأ بعين الاعتبار ويستحق كل العناية ، لكن بالمقابل نجده يواجه أسوار دار العجزة التي تجعله يواجه كل أشكال الإقصاء الاجتماعي و النفسي .
وفي هذا الصدد ، صرحت نفس المتحدثة أن انتشار حوالي 40 مركزا على المستوي الوطني يعد شيئا غير عقلاني ومنطقي ، فهذا العدد المرتفع من المراكز المختصة يجب أن ينظم ويسير حسب الحاجة و أن يخصص للأفراد الذين ليست لهم عائلات تأويهم وتتكفل بهم ، فان اقتضت الضرورة يجب توقيف هذه المراكز نهائيا ومعالجة المشكلة من جذورها و البحث عن الأسباب الحقيقية التي جعلت هذه العائلات تلقي بإفرادها بدار العجزة .
وبهذه المناسبة اقترحت كذلك ضرورة تعيين مساعدة اجتماعية في كل بلدية تتكفل بهذه الشريحة الاجتماعية من خلال إعداد إحصائيات ميدانية بالاتصال شخصيا بهذه الفئة من المعوزين واقتراح حلول وقائية وإعداد جمعيات ومجتمع مدني يساعدهم خاصة في تجاوز العقبات النفسية التي تحاصرهم يوميا .
في الأخير،أضافت رئيسة الجمعية أن المنحة المقدمة للمسن و المقدرة ب3000الف دينار جزائري غير كافية إذ يجب رفعها إلى 7000 دينار مع توفير ما يسمي بالمساعدة الطبية إلى لتشخيص كل أمراض المسنين سيما المزمنة منهم .