لمن أراد أن يردّّ ( بعض ) جميل الصحابة !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
- بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه ومن والاه وبعد
فإن من تمام توفيق الله لعبده المؤمن أن يلهمه شكر ما أولاه من النعم العظيمة , تلكم النعم التي لا يستشعرها و لا يلحظها إلا من كان يرجو الله و اليوم الآخر.
و من تحققت فيه عبودية الشكر كان من أعرف الناس بدرجات النعم , فكلما عظمت النعمة في عينه عظم شكره و زاد , و تيقن أن أكبرها توحيد رب العباد
تلك النعمة التي كلما ارتقى في درجاتها كان محققا لشكرها إذ التوحيد رأس الشكر كما قال الإمام ابن القيم .
و من عظيم نعم الله على خلقه ( الرسالة المحمدية ) تلك المنة العظمى التي جاء بها نبينا صلى الله عليه و سلم , فبلغها أحسن بلاغ و نشرها في أسقاع المعمورة , مستعينا على ذلك بجند من جنود الرحمان آزروه و عظموه ووقروه وقاموا معه في بيان هذه الرسالة أحسن قيام فرضي الله عنهم و أرضاهم
نعم هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم , فلولاهم ما كان لنا أن نعرف الإسلام الصافي النقي
و لولاهم ما عرفنا كتاب ربنا و لا سنة نبينا صلى الله عليه و سلم
فكانوا شهداء مبلغين . أتقياء مخلصين , عظماء مجاهدين , علماء ناصحين , بذلوا كل ماعندهم من مال ونفس و أهل في سبيل هذا الإسلام الذي ننعم به في دنيانا اليوم . فلا كان من أنكر فضلهم و لا بقي من تنكر جميلهم
فكيف طاب عيشنا و شكر جميل القوم عالق برقابقنا !! فوالله لو أن أسفه الناس وصلنا بدراهم قليلة لكان أكثرنا في شكره غارقا وعن الكلام فيه و تنقصه مفارقا
أويظن عاقل ؟!! أن الله لن يسألنا عن شكر هذه النعمة ؟ لا والذي أكرم الصحابة .
إن الواجب المحتوم على كل من عاش في جنان هذا الدين أن يشكر صنيع القوم , و أن يذكره بقلبه و بلسانه ما بقيت فيه الأنفاس , فكفران النعمة و نكران الجميل ليس من خلق الإسلام
- قال أبوداود - رحمه الله - في سننه : ( باب في شكر المعروف )
ثم ساق حديث أنس رضي الله عنه أن المهاجرين قالوا يارسول الله ذهبت الأنصار بالأجر كله! قال : " لا,ما دعوتم الله لهم و أثنيتم عليهم " (1)
- و ذكر أيضا حديث جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من أبلي بلاء فذكره فقد شكره و إن كتمه فقد كفره " (2)
- قال أبو طيب آبادي - رحمه الله - : ( من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره ومع الذكر يشكره و يثني عليه ) (3)
قال الترمذي - رحمه الله - : ( باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك )
ثم ساق حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من لا يشكر الناس لا يشكر الله " (4)
قال الخطابي - رحمه الله - : ( معناه إن الله تعالى لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس و يكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر ) (5)
هذا إن كنا نشكر الله أولا !!!! فحالتئذ لا يستقيم شكرنا حتى نشكر الصحابة الأخيار فهذا الذي ينبغي و على هذا كان السلف رحمهم الله
- قال هارون بن معروف - رحمه الله - :
( ما بيننا و بين أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام إلاّ خير , قاتلوا على دين الله عزوجل ما ينبغي هاهنا إلا الشكر لله عزوجل ثم لمحمد صلى الله عليه و سلم ثم لأصحابه رضي الله عنهم ) (6)
وأما تطبيقاتهم العملية فهي أبين من علو السماء , و على سبيل التمثيل :
- قال مسلم بن صبيح :
( كان مسروق إذا حدّث عن عائشة قال : حدّثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة ) (7)
- و قال مالك - رحمه الله - ( ت 179 ه ) :
(كان السلف يعلَمون أولادهم حبَ أبي بكروعمركما يعلّمون السورة من القرآن) (8)
فرحمهم الله و غفر لهم
و مما أجمع عليه العقلاء أن من أحب حبيبا من غير ثناء عيله ومدح كان في حبه دخن
- قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - ( ت 751 ه ) :
( فمن أخبر بمحاسن غيره من غير محبة له لم يكن حامدا و من أحبه من غير إخبار بمحاسنه لم يكن حامدا حتى يجمه الأمرين ) (9)
و لأهمية الأمر صدع أئمة الإسلام بهذه الحقيقة و لم يغفلوا عنها , كيف لا وهي تمس بعقيدة الأمة في صحابة نبيها صلى الله عليه و سلم , فأعلنوها مدوية في صفحات كتبهم و جهروا بها واضحة في جميع مروياتهم ولكن للأسف مسألة مهمة مثل هذه غفلنا عنها و الله المستعان
- قال الحافظ ابن القطان الفاسي - رحمه الله - ( ت 628 ه ) :
( و أجمهوا أنهم أحق أن تنشر محاسنهم ) (10)
لاحظوا – رعاكم الباري – فإجماعهم هذا غير إجماعهم على حبهم و الدفاع عنهم و السكوت عن مساوئهم فهو إجماع على نشر محاسنهم , لأن هذا من أعظم ما يرد به جميل المحسن
قال ورقة بن نوفل :
أجزيه أو أثني عليه فإن من ........ أثنى عليك بمافعلت فقد جزى
و كيف لا تثني الأمة عليهم و قد أثنى عليهم رب العزة و الجلال و أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
- قال الإمام القسطلاني - رحمه الله - ( ت 923 ه ) :( و حسن الثناء عليهم بأن يذكروا بأوصافهم الجميلة على قصد التعظيم فقد أثنى الله عليهم في كتابه المجيد و من أثنى الله عليه فهو واجب الثناء) (11)
ومن عظيم الفوائد التي نجنيها من نشر محاسنهم عند الناس تحبيبهم للأمة و تعظيم مكانتهم في قلوب الناس
- قال الإمام ابن الفرّاء الغساني - رحمه الله - ( ت 698 ه ) :
( و بحسب ما يقرع الأسماع من نشر مآثرهم و مفاخرهم , و تسمعه الآذان من حسن مواردهم في أحوالهم الكريمة و مصادرهم , و يرد عليها من ذكر فضائلهم و مناقبهم , تبصر أعين البصائر علوّ درجاتهم في الفضل و أقدارهم وتتضاعف أسباب المحبة بالوقوف على حميد سيرهم , وقد قام الناس بهذه الوضيفة الجليلة و انتهزوا الفرصة في اغتنام هذه الغنيمة و إحراز هذه الفضيلة , فنشروا من ذلك ما لا يتغيّر بطول المدّة و لا يزيد مع تعاقب الأيام إلا جمالا و بهاء و جدّة ) (12)
نعم صدق والله لقد قام الناس بهذه الوضيفة الجليلة أحسن قيام !! لكن متى ؟ و في أي زمن ؟! ليس في زمن مثل هذا !! و الله المستعان
فما تدوينهم لمآثر الصحابة و فضائلهم في سننهم و مجامعهم و مسانيدهم إلا قياما بهذا الواجب , فكتبوا في تراجمهم و مناقبهم و أسمائهم و مروياتهم و وفاياتهم و أنسابهم و الذب عنهم ما لم يحصل في أمة من الأمم , كيف لا و مناقبهم لا تعلوها إلا مناقب الأنبياء
مناقب لا تحصى–والله –لكثرتها في نصوص الوحيين (بل كل ما في القرآن من بيان فضائل المؤمنين و المسلمين و مواعيدهم بالجنة , وما يتصل بها هو نازل-حقيقة –في شأن الصحابة) (13)
فأكثر الناس تجده محبا للصحابة و لا يرضي بأن تمس أعراضهم و لله الحمد , لكن أن ينشر محاسنهم بين الناس فذاك شيء قد قرب من العدم فاللهم رحماك
فالنقف الآن قليلا مع كلمات الأئمة حول هذه الحقيقة في كتبهم العقدية و لنستشعر فائدة ما ذكروه حول هذه المسألة :
1- قال الإمام أحمد - رحمه الله - ( ت 241 ) :
قال محمد بن حبيب : سمعت أحمد يقول : ( و ترحّم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم صغيرهم و كبيرهم وحدّث بفضائلهم )
" المسائل و الرسائل المروية عن أحمد في العقيدة 1/396 "
2- قال ابن أبي زيد القيرواني - رحمه الله - ( ت 386 ه ) :
( و الكف عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا بخير ما ذكروا به فإنهم أحق الناس أن تنشر محاسنهم .. )
" كتاب الجامع ص : 147 "
3- قال الإمام ابن بطة العكبري - رحمه الله - ( ت 387ه ) :
( ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم صغيرهم و كبيرهم و أولهم و آخرهم وذكر محاسنهم و نشر فضائلهم )
" الإبانة الصغرى ص : 61 "
4- قال الإمام ابن أبي زمنين المالكي - رحمه الله - ( ت 399 ه ) :
( ومن قول أهل السنة : أن يعتقد المرء المحبة لأصحاب الني صلى الله عليه و سلم و أن ينشر محاسنهم و فضائلهم )
" أصول السنة ص : 263 "
5- قال اللالكائي - رحمه الله - ( ت 418 ) :
( سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم في الحث على حب الصحابة وذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الإستغفار لهم و الكف عن مساوئهم )
" شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة ص : 1314 "
6- قال الإمام محمد بن أبي يعلى - رحمه الله - ( ت 526 ه ) :
( ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أولهم وآخرهم و ذكر محاسنهم )
" كتاب الإعتقاد ص : 43 "
7- قال الإمام عديّ بن مسافر - رحمه الله - ( ت 558 ه ) :
( و الكف عن ما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و نشر محاسنهم )
" إعتقاد أهل السنة و الجماعة فقرة 25 "
8 - قال الحافظ الأصبهاني- رحمه الله - :
( فصل في الحث على حب الصحابة رضوان الله عليهم و نسمي محاسنهم و الترحم عليهم و الإستغفار لهم و الكف عن مساوئهم )
" الحجة في بيان المحجة 2 / 393 "
9 - قال أبو عمرو الداني – رحمه الله – :
( ومن قولهم أن يحسن القول في السادات الكرام أصحاب محمد عليه السلام و أن تذكر فضائلهم و تنشر محاسنهم و يمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم )
" الرسالة الوافية 166 "
10- قال الإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي - رحمه الله - ( ت 620 ) :
( و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و محبتهم و ذكر محاسنهم )
" اللمعة فقرة 86 "
11- قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( ت 1206 ه ) :
( و أتولّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و أذكر محاسنهم )
" الدرر السنية 1/32 "
12- قال العلامة حافظ الحكمي - رحمه الله - ( ت 1377 ه ) :
( الواجب لهم علينا سلامة قلوبنا و ألسنتنا لهم , و نشر فضائلهم )
" أعلام السنة المنشورة ص : 114 "
و بعد هذا كله لا بدّ أن تعلم - رحمك الله - أن هذه المسألة و هي نشر محاسن الصحابة من صميم عقيدة أهل السنة و الجماعة التي أجمعوا عليها , فكما أنهم أجمعوا على حبهم و على الدفاع عنهم فكذلك أجمعوا على نشر محاسنهم كما نقلته آنفا
و يالله العجب !! من من الناس لا يفرح إذا ذكر والده أو أمه أو واحد من أقرب الناس إليه بخير ؟؟ و تكلم بين الناس بحسن سيرته ؟؟بل من من الناس من لا يعجبه ثناء الناس على نفسه التي يعرف منها خلاف ما يذكر عنها ؟؟!!
فيا أمة الإسلام أويعقل أن تنشر الرافضة الفجار مطاعنهم في الصحب الأخيار متخذين بعض الأبواق من المنتسبين للسنة زورا و كذبا و نحن معاشر أهل السنة واقفون من غير حراك ؟؟!!
قطيع من أغرب أشكال بني آدم قلوبهم مضروبة بسياط الجهل و الهوى اتخذوا أعراض الصحابة مطية لنشر كل نتانة و كل زبالة محبوسة في عقولهم العفنة ( فمن ذاك الذي ينتقصهم ويزدري بهم , ولا يحفظ لهم منصبهم عند الله و عند رسوله و لا يكف لسانه عن ذكر مساويهم مع هذه المحاسن ؟ قاتلهم أنّى يؤفكون ) (13)
و لا نغفل هنا أن نذكر أن الصحابة ليسوا بحاجة لدفاعنا و ثنائنا بل هم قوم رضي الله عنهم بأعمالهم و أدخلهم جناته قبل أن نولد و يولد أجدادنا , ومهما قدمنا من شكر و ثناء فلن نبلغ حق شكرهم ولكن نرجوا من الله أن يخفف عنا ثقل تلك المسؤولية وكما قال سليمان التيمي رحمه الله:( إن الله عزوجل أنعم على عباده بقدر طاعتهم و كلفهم من الشكر بقدر طاقتهم فقالوا : كل شكر و إن قلّ ثمن لكل نوال و إن جلّ ) ( 14)
فهذه لفتة مهمة أردت بيانها و تبليغها عساها تكون تذكرة للناسي و للغافل و موعظة للمؤمنين
فشمروا يا أمة الإسلام عن سواعد النصرة و حركوا ألسنتكم بسهام الثناء على خير الأمة عساها تقع على مقاتل الفجرة و الجهلة من أعداء الصحابة
و انشروا جاهدين كتب و رسائل أهل السنة في فضائلهم بين الأمة
و علموا أولادكم و أهاليكم ما علمتموه من محامد الصحابة
و اجعلوا سيرتهم و قصصهم نهرا تغرفون منه في وعظ الناس و نذكيرهم
واعلموا أن الله محاسبكم عن هذه النعمة , هل أديتهم شكرها ووفّيتم حقها ؟؟
فهل أنتم مجيبون ؟؟!!
إنني أثني بما أوليتموني ........ لم يضع حسن بلاء من شكر
إنني والله لا أكفركم............... أبدا ما صاح ديك في سحر
و الحمد لله أوّلا وآخرا ..
بسم الله الرحمن الرحيم
- بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه ومن والاه وبعد
فإن من تمام توفيق الله لعبده المؤمن أن يلهمه شكر ما أولاه من النعم العظيمة , تلكم النعم التي لا يستشعرها و لا يلحظها إلا من كان يرجو الله و اليوم الآخر.
و من تحققت فيه عبودية الشكر كان من أعرف الناس بدرجات النعم , فكلما عظمت النعمة في عينه عظم شكره و زاد , و تيقن أن أكبرها توحيد رب العباد
تلك النعمة التي كلما ارتقى في درجاتها كان محققا لشكرها إذ التوحيد رأس الشكر كما قال الإمام ابن القيم .
و من عظيم نعم الله على خلقه ( الرسالة المحمدية ) تلك المنة العظمى التي جاء بها نبينا صلى الله عليه و سلم , فبلغها أحسن بلاغ و نشرها في أسقاع المعمورة , مستعينا على ذلك بجند من جنود الرحمان آزروه و عظموه ووقروه وقاموا معه في بيان هذه الرسالة أحسن قيام فرضي الله عنهم و أرضاهم
نعم هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم , فلولاهم ما كان لنا أن نعرف الإسلام الصافي النقي
و لولاهم ما عرفنا كتاب ربنا و لا سنة نبينا صلى الله عليه و سلم
فكانوا شهداء مبلغين . أتقياء مخلصين , عظماء مجاهدين , علماء ناصحين , بذلوا كل ماعندهم من مال ونفس و أهل في سبيل هذا الإسلام الذي ننعم به في دنيانا اليوم . فلا كان من أنكر فضلهم و لا بقي من تنكر جميلهم
فكيف طاب عيشنا و شكر جميل القوم عالق برقابقنا !! فوالله لو أن أسفه الناس وصلنا بدراهم قليلة لكان أكثرنا في شكره غارقا وعن الكلام فيه و تنقصه مفارقا
أويظن عاقل ؟!! أن الله لن يسألنا عن شكر هذه النعمة ؟ لا والذي أكرم الصحابة .
إن الواجب المحتوم على كل من عاش في جنان هذا الدين أن يشكر صنيع القوم , و أن يذكره بقلبه و بلسانه ما بقيت فيه الأنفاس , فكفران النعمة و نكران الجميل ليس من خلق الإسلام
- قال أبوداود - رحمه الله - في سننه : ( باب في شكر المعروف )
ثم ساق حديث أنس رضي الله عنه أن المهاجرين قالوا يارسول الله ذهبت الأنصار بالأجر كله! قال : " لا,ما دعوتم الله لهم و أثنيتم عليهم " (1)
- و ذكر أيضا حديث جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من أبلي بلاء فذكره فقد شكره و إن كتمه فقد كفره " (2)
- قال أبو طيب آبادي - رحمه الله - : ( من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره ومع الذكر يشكره و يثني عليه ) (3)
قال الترمذي - رحمه الله - : ( باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك )
ثم ساق حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من لا يشكر الناس لا يشكر الله " (4)
قال الخطابي - رحمه الله - : ( معناه إن الله تعالى لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس و يكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر ) (5)
هذا إن كنا نشكر الله أولا !!!! فحالتئذ لا يستقيم شكرنا حتى نشكر الصحابة الأخيار فهذا الذي ينبغي و على هذا كان السلف رحمهم الله
- قال هارون بن معروف - رحمه الله - :
( ما بيننا و بين أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام إلاّ خير , قاتلوا على دين الله عزوجل ما ينبغي هاهنا إلا الشكر لله عزوجل ثم لمحمد صلى الله عليه و سلم ثم لأصحابه رضي الله عنهم ) (6)
وأما تطبيقاتهم العملية فهي أبين من علو السماء , و على سبيل التمثيل :
- قال مسلم بن صبيح :
( كان مسروق إذا حدّث عن عائشة قال : حدّثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة ) (7)
- و قال مالك - رحمه الله - ( ت 179 ه ) :
(كان السلف يعلَمون أولادهم حبَ أبي بكروعمركما يعلّمون السورة من القرآن) (8)
فرحمهم الله و غفر لهم
و مما أجمع عليه العقلاء أن من أحب حبيبا من غير ثناء عيله ومدح كان في حبه دخن
- قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - ( ت 751 ه ) :
( فمن أخبر بمحاسن غيره من غير محبة له لم يكن حامدا و من أحبه من غير إخبار بمحاسنه لم يكن حامدا حتى يجمه الأمرين ) (9)
و لأهمية الأمر صدع أئمة الإسلام بهذه الحقيقة و لم يغفلوا عنها , كيف لا وهي تمس بعقيدة الأمة في صحابة نبيها صلى الله عليه و سلم , فأعلنوها مدوية في صفحات كتبهم و جهروا بها واضحة في جميع مروياتهم ولكن للأسف مسألة مهمة مثل هذه غفلنا عنها و الله المستعان
- قال الحافظ ابن القطان الفاسي - رحمه الله - ( ت 628 ه ) :
( و أجمهوا أنهم أحق أن تنشر محاسنهم ) (10)
لاحظوا – رعاكم الباري – فإجماعهم هذا غير إجماعهم على حبهم و الدفاع عنهم و السكوت عن مساوئهم فهو إجماع على نشر محاسنهم , لأن هذا من أعظم ما يرد به جميل المحسن
قال ورقة بن نوفل :
أجزيه أو أثني عليه فإن من ........ أثنى عليك بمافعلت فقد جزى
و كيف لا تثني الأمة عليهم و قد أثنى عليهم رب العزة و الجلال و أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
- قال الإمام القسطلاني - رحمه الله - ( ت 923 ه ) :( و حسن الثناء عليهم بأن يذكروا بأوصافهم الجميلة على قصد التعظيم فقد أثنى الله عليهم في كتابه المجيد و من أثنى الله عليه فهو واجب الثناء) (11)
ومن عظيم الفوائد التي نجنيها من نشر محاسنهم عند الناس تحبيبهم للأمة و تعظيم مكانتهم في قلوب الناس
- قال الإمام ابن الفرّاء الغساني - رحمه الله - ( ت 698 ه ) :
( و بحسب ما يقرع الأسماع من نشر مآثرهم و مفاخرهم , و تسمعه الآذان من حسن مواردهم في أحوالهم الكريمة و مصادرهم , و يرد عليها من ذكر فضائلهم و مناقبهم , تبصر أعين البصائر علوّ درجاتهم في الفضل و أقدارهم وتتضاعف أسباب المحبة بالوقوف على حميد سيرهم , وقد قام الناس بهذه الوضيفة الجليلة و انتهزوا الفرصة في اغتنام هذه الغنيمة و إحراز هذه الفضيلة , فنشروا من ذلك ما لا يتغيّر بطول المدّة و لا يزيد مع تعاقب الأيام إلا جمالا و بهاء و جدّة ) (12)
نعم صدق والله لقد قام الناس بهذه الوضيفة الجليلة أحسن قيام !! لكن متى ؟ و في أي زمن ؟! ليس في زمن مثل هذا !! و الله المستعان
فما تدوينهم لمآثر الصحابة و فضائلهم في سننهم و مجامعهم و مسانيدهم إلا قياما بهذا الواجب , فكتبوا في تراجمهم و مناقبهم و أسمائهم و مروياتهم و وفاياتهم و أنسابهم و الذب عنهم ما لم يحصل في أمة من الأمم , كيف لا و مناقبهم لا تعلوها إلا مناقب الأنبياء
مناقب لا تحصى–والله –لكثرتها في نصوص الوحيين (بل كل ما في القرآن من بيان فضائل المؤمنين و المسلمين و مواعيدهم بالجنة , وما يتصل بها هو نازل-حقيقة –في شأن الصحابة) (13)
فأكثر الناس تجده محبا للصحابة و لا يرضي بأن تمس أعراضهم و لله الحمد , لكن أن ينشر محاسنهم بين الناس فذاك شيء قد قرب من العدم فاللهم رحماك
فالنقف الآن قليلا مع كلمات الأئمة حول هذه الحقيقة في كتبهم العقدية و لنستشعر فائدة ما ذكروه حول هذه المسألة :
1- قال الإمام أحمد - رحمه الله - ( ت 241 ) :
قال محمد بن حبيب : سمعت أحمد يقول : ( و ترحّم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم صغيرهم و كبيرهم وحدّث بفضائلهم )
" المسائل و الرسائل المروية عن أحمد في العقيدة 1/396 "
2- قال ابن أبي زيد القيرواني - رحمه الله - ( ت 386 ه ) :
( و الكف عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا بخير ما ذكروا به فإنهم أحق الناس أن تنشر محاسنهم .. )
" كتاب الجامع ص : 147 "
3- قال الإمام ابن بطة العكبري - رحمه الله - ( ت 387ه ) :
( ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم صغيرهم و كبيرهم و أولهم و آخرهم وذكر محاسنهم و نشر فضائلهم )
" الإبانة الصغرى ص : 61 "
4- قال الإمام ابن أبي زمنين المالكي - رحمه الله - ( ت 399 ه ) :
( ومن قول أهل السنة : أن يعتقد المرء المحبة لأصحاب الني صلى الله عليه و سلم و أن ينشر محاسنهم و فضائلهم )
" أصول السنة ص : 263 "
5- قال اللالكائي - رحمه الله - ( ت 418 ) :
( سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم في الحث على حب الصحابة وذكر محاسنهم و الترحم عليهم و الإستغفار لهم و الكف عن مساوئهم )
" شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة ص : 1314 "
6- قال الإمام محمد بن أبي يعلى - رحمه الله - ( ت 526 ه ) :
( ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أولهم وآخرهم و ذكر محاسنهم )
" كتاب الإعتقاد ص : 43 "
7- قال الإمام عديّ بن مسافر - رحمه الله - ( ت 558 ه ) :
( و الكف عن ما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و نشر محاسنهم )
" إعتقاد أهل السنة و الجماعة فقرة 25 "
8 - قال الحافظ الأصبهاني- رحمه الله - :
( فصل في الحث على حب الصحابة رضوان الله عليهم و نسمي محاسنهم و الترحم عليهم و الإستغفار لهم و الكف عن مساوئهم )
" الحجة في بيان المحجة 2 / 393 "
9 - قال أبو عمرو الداني – رحمه الله – :
( ومن قولهم أن يحسن القول في السادات الكرام أصحاب محمد عليه السلام و أن تذكر فضائلهم و تنشر محاسنهم و يمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم )
" الرسالة الوافية 166 "
10- قال الإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي - رحمه الله - ( ت 620 ) :
( و من السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و محبتهم و ذكر محاسنهم )
" اللمعة فقرة 86 "
11- قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ( ت 1206 ه ) :
( و أتولّى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و أذكر محاسنهم )
" الدرر السنية 1/32 "
12- قال العلامة حافظ الحكمي - رحمه الله - ( ت 1377 ه ) :
( الواجب لهم علينا سلامة قلوبنا و ألسنتنا لهم , و نشر فضائلهم )
" أعلام السنة المنشورة ص : 114 "
و بعد هذا كله لا بدّ أن تعلم - رحمك الله - أن هذه المسألة و هي نشر محاسن الصحابة من صميم عقيدة أهل السنة و الجماعة التي أجمعوا عليها , فكما أنهم أجمعوا على حبهم و على الدفاع عنهم فكذلك أجمعوا على نشر محاسنهم كما نقلته آنفا
و يالله العجب !! من من الناس لا يفرح إذا ذكر والده أو أمه أو واحد من أقرب الناس إليه بخير ؟؟ و تكلم بين الناس بحسن سيرته ؟؟بل من من الناس من لا يعجبه ثناء الناس على نفسه التي يعرف منها خلاف ما يذكر عنها ؟؟!!
فيا أمة الإسلام أويعقل أن تنشر الرافضة الفجار مطاعنهم في الصحب الأخيار متخذين بعض الأبواق من المنتسبين للسنة زورا و كذبا و نحن معاشر أهل السنة واقفون من غير حراك ؟؟!!
قطيع من أغرب أشكال بني آدم قلوبهم مضروبة بسياط الجهل و الهوى اتخذوا أعراض الصحابة مطية لنشر كل نتانة و كل زبالة محبوسة في عقولهم العفنة ( فمن ذاك الذي ينتقصهم ويزدري بهم , ولا يحفظ لهم منصبهم عند الله و عند رسوله و لا يكف لسانه عن ذكر مساويهم مع هذه المحاسن ؟ قاتلهم أنّى يؤفكون ) (13)
و لا نغفل هنا أن نذكر أن الصحابة ليسوا بحاجة لدفاعنا و ثنائنا بل هم قوم رضي الله عنهم بأعمالهم و أدخلهم جناته قبل أن نولد و يولد أجدادنا , ومهما قدمنا من شكر و ثناء فلن نبلغ حق شكرهم ولكن نرجوا من الله أن يخفف عنا ثقل تلك المسؤولية وكما قال سليمان التيمي رحمه الله:( إن الله عزوجل أنعم على عباده بقدر طاعتهم و كلفهم من الشكر بقدر طاقتهم فقالوا : كل شكر و إن قلّ ثمن لكل نوال و إن جلّ ) ( 14)
فهذه لفتة مهمة أردت بيانها و تبليغها عساها تكون تذكرة للناسي و للغافل و موعظة للمؤمنين
فشمروا يا أمة الإسلام عن سواعد النصرة و حركوا ألسنتكم بسهام الثناء على خير الأمة عساها تقع على مقاتل الفجرة و الجهلة من أعداء الصحابة
و انشروا جاهدين كتب و رسائل أهل السنة في فضائلهم بين الأمة
و علموا أولادكم و أهاليكم ما علمتموه من محامد الصحابة
و اجعلوا سيرتهم و قصصهم نهرا تغرفون منه في وعظ الناس و نذكيرهم
واعلموا أن الله محاسبكم عن هذه النعمة , هل أديتهم شكرها ووفّيتم حقها ؟؟
فهل أنتم مجيبون ؟؟!!
إنني أثني بما أوليتموني ........ لم يضع حسن بلاء من شكر
إنني والله لا أكفركم............... أبدا ما صاح ديك في سحر
و الحمد لله أوّلا وآخرا ..