وصف الدكتور أحمد عظيمي، الأستاذ بكلية العلوم السياسية، العالم العربي بالمليء بالكراهية، والكثير من الإقصاء الذي يستمد قوامه من أنساق ثقافية ضيقة، وهو ما ضمنه كتابه الأخير المعنون "دعاية الكراهية" الذي تناول فيه بالتحليل مقتطفات مما بثته بعض القنوات التلفزيونية العربية من شحن، وعلى مدار شهر كامل لتداعيات اللقاء الكروي بين الجزائر ومصر ضمن التصفيات المؤهلة لكأسي إفريقيا والعالم.
وأضاف الدكتور الذي قدم كتابة خلال المعرض الدولي للكتاب مصحوبا بقرص مضغوط لحوالي ثلاث ساعات وعشرين دقيقة، لأشرطة فيديو لما بثته بعض القنوات المحسوبة على مصر خلال الأزمة الكروية، وظهرت على شاشاتها بعض الوجوه تتبجح بالإساءة للجزائر وللجزائريين وللثورة الجزائرية، وللشهداء، أن مثل هذه السلوكات لا يمكن أن تصنف إلا داخل إطار دائرة الكراهية التي تحكمت في الوازع الإعلامي ووجهته في وجهة خاطئة، ولا تمت بأي صلة لأدبيات الإعلام، مما يمكن وسمها بالأنموذج الرديء للدعاية الذي فاق كل التصورات، وهذا ما تم الخلوص إليه بعد تحليل مضامين أشرطة الفيديو:
وعن سؤال لموقع الإذاعة الجزائرية عما إذا كنا أمام دعاية كراهية، أم دعايات للكراهية، قال صاحب الكتاب، إن ما توصل إليه من خلال استعماله لتقنية تحليل المضمون التلفزيوني للمدونة، هو وجود دعاية واحدة، ولكنها غير معزولة، مضيفا أن الأمر يتعلق بتوافق ثقافي كراهي برز دفعة واحدة وعلى غير سابق موعد بين مسؤولين وصحفيين ومثقفين، وأطرهم في جبهة واحدة، مما عكس وجود واقع دفين للكراهية موجه خصوصا للجزائر:
وعن أهم الملاحظات التي توصل إليها ، أضاف عظيمي في حديثه لموقع الإذاعة الجزائر، أن من أهم ما توصل في عمله التحليلي هو الغياب الفظيع والمحزن للإعلام وثقافة الإعلام، وحسبه "لا يوجد لا إعلام ولا اتصال ولا معارف ولا معلومات ولا أي شيء، والذي يوجد هو الشتم فقط، الذي استهدف الجزائر ورموزها"، وهذا السلوك – يضيف الأستاذ- هو دعاية منبوذة في الغرب، وقد حرم منذ الحرب العالمية الثانية، ومواثيق الأمم المتحدة والهيئات الدولية تحرم هذا النوع من الدعاية، كما أن هناك قوانين في الكثير من الدول الأوربية تحرم مثل هذا النوع من الدعاية، كما تحرم الخطابات التي تشتم الشعوب في وسائل الإعلام الجماهيرية:
وفي معرض رده عن وجود يتم وانغلاق في الأفق الثقافي، كامن وراء انفلات مشين ومخيف، سببه لقاء كروي ، كان من الممكن أن يحتوى في إطاره الخاص، ويعالج ضمن الدوائر المخول لها ذلك، قال عظيمي "إن المشكل ليس في كرة القدم، وإنما المشكل قابع في الذين استغلوا كرة القدم لتحقيق أعراض سياسية، أو أعراض ثقافية، أو أغراض أخرى، وحولوها لذلك"، وأضاف " أو أن القضية بقيت محصورة في كرة القدم ، وأن المتكلمين في تلك الفترة تحدثوا عن المتطرفين في كرة القدم، لما وصلنا إلى هذا، لكنهم استغلوا كرة القدم لصب كمية كبيرة جدا من الكراهية، ومن الحقد على الشعب الجزائري:
وعن مستوى الهشاشة التي آل إليها واقع العلاقات بين الشعب الجزائري والشعب المصري قال صاحب الكتاب "إن العلاقة بين الشعبين لا أظنها تزعزعت، وإنما الذي تزعزع هو العلاقة بين الجزائريين وتشكيلة من الفنانين والممثلين وبعض الصحفيين والمثقفين هي التي تزعزعت فعلا"، وأضاف "أن الأمر لم يكن مجرد هبة ريح مرت، أو مجرد أزمة بسيطة في العلاقات الأخوية ومرت، فالشعب الجزائري لا يستطيع أن ينسى الذين أساءوا إليه، أو أساءوا إلى رموزه وشهدائه، وبالتالي العلاقة بين الجزائريين والمصرين لا توجد فيها أية مشكلة أساسا، حتى أن المصريين مغلوبون على أمرهم وهذه القنوات التلفزيونية هي ملك لأناس مربوطين بمصالح":
وفي سؤال لموقع الإذاعة عما إذا كانت حقيقة دعاية المحبة غير موجودة، وأن دعاية الكراهية مجرد وجهة نظر، نفى عظيمي ذلك، وقال إن ما كتبه ليس وجهة نظر، ولا أراء خاصة، فالمؤلف هو دراسة لنوع معين من الدعاية، ودعاية المحبة مع الأسف الشديد غير موجودة في العالم العربي"، سبب ذلك – يضيف الأستاذ "أن وسائل الإعلام العربية مملوكة للسلطة، أو لأصحاب رؤوس الأموال الذين لهم مصالحهم الخاصة، فلا توجد – مع الأسف الشديد- دعاية المحبة بين الأقطار العربية:
دعاية الكراهية دراسة مؤلفة من ثلاث فصول يتعلق الفصل الأول بالجانب النظري الذي تطرق فيه المؤلف على الدعاية وأسسها وأنواعها وعلاقتها بالإعلام والاتصال والتضليل. أما الفصل الثاني فهو تحليل لثلاث ساعات وعشرين دقيقة من فيديوهات بثتها القنوات الدعائية، والفصل الثالث هو تحليل لنتائج الفصل الثاني، بالتطرق إلى طبيعة هذه الدعاية ونوعها، وحسب الدكتور أحمد عظيمي فإن تأليف الكتاب تم على مدار ثلاث أشهر، بمعدل عشر ساعات يوميا مابين القراءة والتحليل والاستماع إلى أشرطة الفيديو: