منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>


منتديات التاريخ المنسي
<div style="text-align: center;"><img src="https://i.servimg.com/u/f27/11/57/48/93/m0dy_n10.gif"><br></div>

منتديات التاريخ المنسي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات التاريخ المنسيدخول

التاريخ المنسي


descriptionبحث في التنمية الاجتماعية Emptyبحث في التنمية الاجتماعية

more_horiz
التنمية الإجتماعية تعالج: نسبة الفقر
نسبة الامية
المساواة بين الجنسين
معدل التأطير الطبي

مفهوم التنمية

يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ "عملية التنمية"، ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال -في الستينيات من هذا القرن- في آسيا وإفريقيا بصورة جلية. وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم.
وقد برز مفهوم التنمية Development بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي Material Progress، أو التقدم الاقتصادي Economic Progress.
وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث Modernization، أو التصنيع Industrialization.
وقد برز مفهوم التنمية Development بداية في علم الاقتصاد حيث استُخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: "بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحقًا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية.
بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين أوضاعه في المجتمع.
ويلاحظ أن مجموعة المفاهيم الفرعية المنبثقة عن مفهوم التنمية ترتكز على عدة مسلمات:
أ - غلبة الطابع المادي على الحياة الإنسانية، حيث تقاس مستويات التنمية المختلفة بالمؤشرات المادية البحتة.
ب - نفي وجود مصدر للمعرفة مستقل عن المصدر البشري المبني على الواقع المشاهد والمحسوس؛ أي بعبارة أخرى إسقاط فكرة الخالق من دائرة الاعتبارات العلمية.
ج - إن تطور المجتمعات البشرية يسير في خط متصاعد يتكون من مراحل متتابعة، كل مرحلة أعلى من السابقة، وذلك انطلاقًا من اعتبار المجتمع الأوروبي نموذجًا للمجتمعات الأخرى ويجب عليها محاولة اللحاق به.
الاختلاف بين مفهوم التنمية في اللغة العربية عنه في اللغة الإنجليزية:
يتضح الاختلاف بين مفهوم التنمية في اللغة العربية عنه في اللغة الإنجليزية، حيث يشتق لفظ "التنمية" من "نمـّى" بمعنى الزيادة والانتشار. أما لفظ "النمو" من "نما" ينمو نماء فإنه يعني الزيادة ومنه ينمو نموًا. وإذا كان لفظ النموّ أقرب إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فإن إطلاق هذا اللفظ على المفهوم الأوروبي يشوه اللفظ العربي. فالنماء يعني أن الشيء يزيد حالاً بعد حال من نفسه، لا بالإضافة إليه.
وطبقًا لهذه الدلالات لمفهوم التنمية فإنه لا يعدّ مطابقًا للمفهوم الإنجليزي Development الذي يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي (الخارجي غالباً) وليس وفق رؤية جماهير الشعب وثقافتها ومصالحها الوطنية بالضرورة.
ويلاحظ أن شبكة المفاهيم المحيطة بالمفهوم الإنجليزي تختلف عن نظيرتها المحيطة بالمفهوم العربي.
فعلى سبيل المثال تُعالج ظاهرة النمو (في المفهوم العربي الإسلامي) كظاهرة جزئية من عملية الاستخلاف التي تمثل إطار حركة المجتمع وتحدده، وكذلك نجد مفهوم "الزكاة" الذي يعني لغة واصطلاحًا الزيادة والنماء الممزوجة بالبركة والطهارة، وسمى الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه مادياً بمعايير الاقتصاد، في حين ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثاب به المزكي من الله تعالي. وهو ما يقارن بالعكس بالربا الذي قال عنه الله (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) [البقرة:276].
ويتضح من ذلك أن مفهوم النمو في الفكر الإسلامي يُعبر عن الزيادة المرتبطة بالطهارة والبركة وأجر الآخرة وإن لم يتجاهل مع هذا "الحياة الطيبة" في الدنيا، بينما يركز مفهوم Development على البعد الدنيوي من خلال قياس النمو في المجتمعات بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها، حيث تقوم المجتمعات بالإنتاج الكمي، بصرف النظر عن أية غاية إنسانية، وتهتم بالنجاح التقني ولو كان مدمرًا للبيئة ولنسيج المجتمع، وتؤكد على التنظيم الاجتماعي ولو أدى إلى الاضطهاد للآخر/ الغريب.
وفي الواقع فإن "التنمية" تعد من المفاهيم القليلة التي تجمع بين البعد النظري والجانب التطبيقي، وتستدعي الرؤية الفلسفية والغيبية للمجتمعات ومقاصد تطورها



الفقر
مع التنمية الكل أصبح فقيراً...!!
________________________________________
الفقر مفهوم مراوغ، فربما كان هناك فقراء بقدر ما توجد دلالات متعددة للكلمة وبقدر عدد البشر وتوقعاتهم، فلغات العالم تتنافس مع بعضها البعض في عدد الكلمات التي تشير إلى ظروف الفرد المرتبطة بالمدركات المختلفة للفقر.. فمثلاً: في الفارسية ثمة ما يزيد على 30 كلمة تصف أولئك الذين يُعتبرون لسبب أو لآخر فقراء.. وفي معظم لغات إفريقيا ثمة -على الأقل- من 3 إلى 5 كلمات لتعريف الفقر وهكذا.
من الفقير؟!
واقعيًا، ليس ثمة تعريف موحد للفقر في كل الثقافات؛ بل قد لا تعتبر كل الثقافات الفقر عيبًا، فالفقر لم يكن ولفترة طويلة من الزمان وفي العديد من حضارات العالم نقيض الغنى، وكان ثمة دائمًا مجال "الفقر الاختياري" أي أولئك البشر الذين رفضوا الزخرف والمظهر وانطلقوا يسبحون في ملكوت الله، وكان احترام أولئك الفقراء باختيارهم (المتصوفة على سبيل المثال) من تقاليد الشرق المستقرة.
وحديثًا -مع اتساع الاقتصاد التجاري وعملية التمدين- اكتسب الفقر دلالته الاقتصادية، وأصبح الفقير هو من ينقصه المال والممتلكات التي يحوزها الغني، ويتحول الفقر إلى معنى مطلق وليس نسبيًا، فيصير الفقر عيبًا وبعدئذ يصير مرضًا يذل من يصاب به ويجب علاجه.
إن الفقير في المجتمعات البشرية قبل سيطرة الاقتصاد هو ذلك العضو الذي يكسب قوت يومه بصعوبة أو الذي اختار الكفاف، بيد أنه يظل عضوًا في الجماعة، لكنه لاحقًا أصبح ذلك الغريب المتشرد الذي يتم عزله وتهميشه في الواقع المعاش.
وطبقًا لأدبيات التنمية فإن الفقر صفة لمجتمع ما الفرد فيه لا يحقق مستوى معين من الرفاهية- والذي عادة ما يُشار إليه بخط الفقر أو حد الكفاف، ويجب لتعريف الفقر الإجابة على ثلاثة تساؤلات؛ تحديد ماهية الحد الأدنى من الرفاهية، وكيفية التيقن من صحة فقر الفرد، وتجميع مؤشرات الرفاهية وقياس الفقر على أساسها.
وتقترب فكرة الرفاهية Well-being من مفهوم مستوي المعيشة Standard of Living (SOL)، الذي يعد أحد المفاهيم الشائعة في أدبيات التنمية، ومحور أعمال البنك الدولي في تقاريره السنوية عن التنمية خلال فترة التسعينيات.
ويستهدف مفهوم مستوى المعيشة قياس كفاءة الحياة؛ معتمدًا على معايير الاستهلاك الفردي من السلع والخدمات المشتراة من دخل الفرد أو توفيره، ويفترض مفهوم الفقر وجود حد أدنى من الاستهلاك والدخل يقاس عليه مستوى معيشة الفرد، ويشار إليه بخط الفقر، حيث يصنف أي فرد يقع دخله أو استهلاكه أقل من هذا الحد باعتباره فقيرًا.
ويمكن تصنيف مناهج قياس الفقر إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول: اتجاه الرفاهية ويستخدم أصحاب هذا الاتجاه معايير مالية في قياس الرفاهية مثل: دخل الفرد وإنفاقه الاستهلاكي، وهو الاتجاه السائد في أدبيات الفقر.
الاتجاه الثاني: اتجاه الـ "لا رفاهية" non-welfarist ويعني هذا الاتجاه بدراسة المؤشرات الاجتماعية للرفاهية، مثل: التغذية والصحة والتعليم، ويركز على قضايا مثل: سوء التغذية، أو غياب الرعاية الصحية، أو الأمية، باعتبارها نتائج مباشرة لانتشار الفقر.
ومن جانب آخر، انقسمت الاجتهادات حول تعريف الفقير إلى مدرستين:
-المدرسة المطلقة: وهي تضع حدًا أدنى لمستوى الدخل الضروري الذي يجب على كل فرد إحرازه لتحقيق مستوى معيشي معقول-حد الفقر، ويصنف مَن دونه باعتباره فقيرًا، وتحديد هذا المستوى هو حكم تقديري للباحث أو صانع السياسة.
-المدرسة النسبية: وهي تتعامل مع الفقر النسبي-أي ارتباط خط الفقر بمعدل توزيع الدخل بين السكان-وعادة يتم ذلك بتعريف الأفراد الذين يشكلون أفقر 20-25% من سكان مجتمع ما باعتبارهم الفقراء، وبعض الدراسات في الدول النامية ترفع هذه النسبة حتى 50% من السكان.
وعلى صعيد آخر، فإنه رغم بقاء الدخل الفردي المؤشر الأكثر انتشارًا لقياس الفقر، فقد تزايدت أهمية مؤشرات الرفاهية الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم، وقد تزايد هذا الاتجاه في دول العالم النامي منذ منتصف السبعينيات حيث لوحظ ارتفاع الدخل الفردي في بعض الدول، دون حدوث تقدم في بعض مجالات الرفاهية الاجتماعية مثل: التغذية والصحة، وهذا يعني بشكل عام إمكانية حدوث مفارقة بين حدوث زيادة في دخل الفرد وتحقيق إنجاز في مجالات الرفاهية الاجتماعية.. على سبيل المثال، لا يتفق معدل نمو الدخل الفردي المتزايد في باكستان مع مؤشرات الرفاهة الاجتماعية المتدنية بها، بينما يأتي النموذج السريلانكي في الاتجاه المضاد، حيث يتاح لمواطنيها رفاهة اجتماعية لا تتناسب مع معدلات الدخل الفردي المتواضعة بها.
الفقر...واقع أم أسطورة:

يحدد بعض الباحثين ثلاثة أبعاد لمفهوم الفقر:

-البعد الأول: هو الماديات فهي تلك الأشياء التي نعتبر نقصها فقرًا، وهذا النقص أو الحرمان أو الفقدان له طابعان إما وجودي غير مادي أو وجودي مادي.
تنتمي للفقر الوجودي غير المادي عناصر مثل: الإخفاق في العمل أو انعدام الثقة في النفس أو نقص الحب، بينما يشمل الفقر المادي: التفرقة، وعدم المساواة والتحيز والجهل وتعذر الحصول على الحد الأدنى من الضروريات المطلوبة للحياة-كما تحددها ثقافة المرء- والجوع وسوء التغذية والتشرد وضعف الصحة... إلخ.
-البعد الثاني: هو إدراك المرء لحالته، فالمرء يعد فقيرًا فقط عندما يحس بوجود النقص في إحدى تلك الماديات أو كلها، إن تلك الماديات لا تكتسب قيمها كبعد معرفي في المفهوم إلا مع إدراك الطابع النسبي والذاتي لمفهوم الفقر، عادة يدفع هذا البعد الذاتي الفقير إلى تخطي فقره، وتغيير موازين القوى التي أدت إليه، وقد ينزع إلى عقد روابط تبعية مع جماعات أو أفراد أو عقائد أقوى تعطيه إحساسًا زائفًا بالأمان، وأحيانًا يصل إلى وهم القوة.
-البعد الثالث: كيف يرى الآخرون الفقير، حيث قد يختلف إدراك الفقير لحاله مع رؤية الآخرين، ويترتب على هذا الإدراك رد فعل الآخر تجاه الفقير، وثمة نوعان من أنواع رد الفعل تجاه الفقير؛ التدخل المباشر أو غير المباشر من خلال الصدقة أو المساعدة أو التربية أو القهر، أو عدم التدخل-سواء كان عدم التدخل مبررًا لأن الفقراء يستحقون فقرهم أو لأن التدخل لن يفيد بل وربما أضر.
وتتأثر تلك الأبعاد الثلاثة بالمكان والزمان والبيئة الاجتماعية / الثقافية المتواجدة فيها.
الفقر ووهم عالمية التنمية:
لأول مرة في التاريخ، صار الفقر ظاهرة مطلقة، حيث اعتبرت بلاد وأمم بأسرها فقيرة على أساس أن دخلها الإجمالي أقل بالمقارنة مع الدخل السائد في تلك الدول التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، وهكذا أصبح الدخل القومي هو المعيار العالمي الجديد والرأسمالية الاقتصادية هي الحل المعلن للعلاج النهائي للفقر، وتوصلت جيوش من خبراء الفقر العالمي إلى العلاج بالتنمية من خلال زيادة الإنتاج والتطبيق المتزايد للعلم والمعرفة التقنية، فهي مفتاح الرخاء والسعادة.
وهكذا أُعيد تفسير وتقييم البعد المادي للفقر، حيث أدى تحطيم المجتمعات التقليدية، في سبيل ما يدعى بالاقتصاد القومي ثم الاقتصاد العالمي، إلى فصل الاقتصاد عن جذوره الاجتماعية والحضارية، وبالتالي خضع المجتمع لآليات وقواعد الاقتصاد وليس العكس. وقد خلق الاقتصاد العالمي منظومة من المرجعيات الكونية جعلت الفرد يدرك أنه فقير وفي حاجة إلى المساعدة لأن متوسط دخله أقل من المستوى العالمي المعياري، ولأنه لا يعيش في رفاهية مثل بشر آخرين.
وأدى هذا التغيير في نظرة المرء لذاته إلى تغير في ردود الفعل تجاه الفقر، حيث أصبح البرنامج الجديد حلاً كونيًا أحادي الاتجاه يعتمد على الدخل ولا علاقة له إطلاقًا بالثقافة ولا بالشخص، ولم يعد الفرد يلجأ إلى جذوره الثقافية وعلاقته الأسرية القديمة التي كانت تقدم الحلول البديلة الكلية للفقر، وبدلاً من ذلك سعى الأفراد إلى تجميع أنفسهم في مؤسسات متماثلة مثل النقابات والروابط، مما أدى إلى تنميط الأفراد في المجتمع وإلغاء أي تفكير بديل يسعى إلى البحث عن طريق جديد للحياة والتنظيم الاجتماعي يعتمد على البساطة، أو أشكال تطوعية وأخلاقية من الفقر الذي لا يمكن أحيانًا تجاوزه لظروف هيكلية ودولية قبل أن تكون محلية.
وقد افترض الخبراء أن الفقراء غير قادرين على تحديد مصلحتهم، والتي يحددها لهم من يمتلكون المعرفة والسلطة-الحكومات والمؤسسات والخبراء-عاملين على الارتقاء بهم، ومشاركة الجماهير تنحصر في تأييد البرامج التي وضعها "الخبراء"، ويقدم الخبراء الحل البسيط للفقر: التنمية الاقتصادية ورفع مستوى الدخل، زاعمين إمكانية حل كل المشكلات الثقافية والاجتماعية المتعلقة بالفقر من خلال الاقتصاد وحده.
وقد عملت هذه الافتراضات والتوصيات على تقوية التدخل السلطوي حيث صار الفقر العالمي معضلة أكبر من أن تترك لتحل حلاً محليًا، وبذا سمحت بتدخل القوى الدولية-الحكومية و الأهلية-باسم نشر السعادة والقضاء على الفقر.
وما حدث بصورة عالمية مجردة هو أنه تمت رؤية الحاجات المطلوبة والإصلاحات الضرورية والمؤسسات المقترحة بشكل نمطي ثابت، بغض النظر عن الاختلافات الاجتماعية والثقافية، وتم فرض تلك الرؤية عن طريق شروط برامج المساعدات الأجنبية.
وقد اختلفت النتائج الفعلية لهذه السياسات والبرامج وآثارها على حياة الفقراء اختلافًا بينًا عما توقعه الخبراء والمتخصصون، حيث إن الحاجات التي تبغيها برامج التنمية هي حاجات نمط معين من الحياة، يلعب فيه الاقتصاد دورًا مركزيًا، حيث ثمة مفهوم خاص للفقر، وثمة فئة معينة من المستهلكين ودافعي الضرائب يجب حماية حقوقهم وامتيازاتهم، فشلت تلك السياسات على كل المستويات، ومن الواضح أن كل أنساق المساعدة ستخلق في النهاية مزيدًا من الفقر.
ويحذر بعض الباحثين من المفاهيم التي تبدو إيجابية من الخارج مثل: الاقتصاد العالمي أو العالم الواحد بينما هي تدعو في الواقع إلى إلغاء التعددية، وقبول أن الحل الوحيد الممكن هو اتخاذ الطريق الذي سار فيه الشمال الغني القوي السعيد.
إن النظرة الاقتصادية للحياة قد تؤدي لفترة معينة إلى زيادة ضخمة في إنتاج الأغراض والبضائع أي تنمية الأشياء، لكنه واقعيًا -بسبب الندرة الدائمة- يعاني الغني والفقير-على حد سواء-من عدم إمكانية الحصول على كل ما يريد؛ فقد اتضح لكثير من البشر أن الحاجات ليست مجرد وهم فقط بل مصطلح يخلق الشره والجشع، ومن المستحيل أن يفي الاقتصاد بكل الحاجات يومًا ما.
قد ينتج الاقتصاد الكثير من البضائع والخدمات للوفاء بمنظومة معينة من الحاجات، بيد أنه على نطاق آخر يدمر مجالات بأكملها من مجالات النشاط الإنساني، والحرف التقليدية، والقطاعات الأهلية، ويحطم منظومة قيمية كاملة من الجماعية والتراحم، من ثم فإن تأثيره الإجمالي سلبي، بل ومدمر أحيانًا خاصة عندما لا يفي بوعوده، وفي الوقت ذاته يهدم أبنية التراحم والتكافل، فلا يجدها الفرد إذا أراد التراجع والعودة له، وربما يكون النموذج البارز لذلك هو ما حدث مع مؤسسات الوقف الإسلامية في العالم الإسلامي من مصادرة وتأميم.
ولا شك أن الرؤية الإسلامية التي تحترم الحاجات الأساسية المادية للإنسان وتفرض عليه السعي للرزق وعمارة الأرض، لكنها في الوقت ذاته تربطه برؤية غيبية للرزق والقدر، لديها الكثير في هذا الباب لتقدمه خاصة مع تطوير وتفعيل فريضة الزكاة كأداة تنموية تتجاوز جمع وتوزيع الصدقات، وهذا مجال يحتاج تناولاً مستقل

descriptionبحث في التنمية الاجتماعية Emptyرد: بحث في التنمية الاجتماعية

more_horiz
التنمية والثقافة


التنمية مصطلح واسع يقصد به بشكل موجز الزيادة , وهو يشمل كل النشاطات والظواهر القابلة للزيادة في جانب من جوانبها أو في جميع جوانبها , وأحد هذه النشاطات والجوانب هو التنمية البشرية ,
والتنمية البشرية مصطلح يتضمن كل نشاط يؤدي إلى زيادة ما في أحد جوانب حياة الإنسان المادية والمعنوية , ومن ضمن هذه الجوانب تنمية النمط الثقافي أو البعد الثقافي لأي نشاط أو ظاهرة, فللظواهر الاقتصادية أبعاد ثقافية اقتصادية , وللظواهر الصحية أبعاد ثقافية صحية , وللظواهر الزراعية أبعاد ثقافية زراعية, وهكذا . . . .


والثقافة باختصار هي أن يعرف الفرد شيئاً عن كل شئ , أو أن يلم إلماماً يسيراً بأكثر ضروب المعرفة , ولكنها أي الثقافة, قد تتركز في مقصودها الدلالي على المعرفة المتصلة بالعلوم الإنسانية بوجه خاص , لأنها ترقى بالإنسان , وتوسع معارفه , وتمده بالنظرة الشاملة للأمور , لينعكس هذا على شخصيته وسلوكه , فيكون واسع الأفق , يحسن إتيان الأمور ويجيد التصرف في شؤون حياته , ويعرف حقوقه , ويحرص على أداء واجباته, فالثقافة من الأمور التي يتجمل بها الإنسان, ويستكمل بها مقومات شخصيته, إلا أنه لا يمكن الاستغناء عنها , فهي من الضرورات الحتمية لكل فرد, فمن الناحية الفطرية, لابد أن يكون كل إنسان منتمياً إلى أسرة أو إلى جماعة أو إلى وطن , ولذا فإن لهذا الإنسان شخصية وعصبية وجنسية , ويتناسب هذا مع الثقافة المشتركة الموحدة , التي تربطه بهذه الأسرة أو الجماعة أو الوطن , فالثقافة إذن هي كل ما يكون به الإنسان إنساناً, وهي تعبير عن ما يصدر عنه من أسلوب أو سلوك أو نشاط أو مواقف متماسكة تشكل نسيجاً من البناء الذي يمتلكه الإنسان من مجموعة القدرات لديه, ونسيجاً من ما ينشئه من علاقات, وما يدركه من مهارات, وما يدخره من وعي وخبرات, وما يعتنقه من قيم وتقاليد, وما يماشيه من أنماط حياة, وطرائق انتفاع بالوسائل المادية والاجتماعية والمعنوية , وما يتداوله أو يهتم به من آداب وفنون جميلة, قولاً ونغماً وتشكيلاَ وما إلى ذلك .
والثقافة تفرق بين الإنسان وسائر الكائنات الأخرى, كما أنها تتباين من مجتمع إنساني لآخر, وتختلف بين أي نمطين من الحياة لمجموعتين بشريتين .

وأما التنمية الثقافية فهي الزيادة في الثقافة بكل أشكالها وجوانبها وظواهرها ونشاطاتها, ولكل ظاهرة في هذا الكون بعد ثقافي , فتنمية البعد الثقافي الاقتصادي يسهل التنمية الاقتصادية, وتنمية البعد الثقافي الصناعي يجّود تطور التنمية الصناعية, وتنمية البعد الثقافي الزراعي يحسن التنمية الزراعية ويعجلها . . . وهكذا في كل المجالات .
وأما التربية والتعليم فهما الوعاء الذي يحتضن التنمية الثقافية المتمثلة بكل أشكال التطوير والارتقاء والتبادل الثقافي , وهذا الوعاء يشكل جسراً يربط بين مفهوم التنمية, ومفهوم الثقافة, اللذين يرتبط بعضهما ببعض , بتناسب طردي متبادل, فكلما زادت الثقافة زادت التنمية, وكلما زادت التنمية زادت الثقافة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما السبيل إلى هذه الزيادات؟
إننا ببساطة نجد الإجابة في أن التربية والتعليم هما اللذان يوسعان الاطلاع والمدارك, ويفتحان أبواباً مبتكرة من الأنماط الحياتية, والاجتماعية, التي تساعد بالاقتباس والتعلم والإنتاج والاختراع وغير ذلك, على مزيد من النماء والترقي والتطور, وتساعدان أيضاً على سهولة التكيف مع المستجدات والمتغيرات, وحسن مواجهة الطوارئ والأزمات في كل جوانب الحياة ومجالاتها .
ففي الوقت الذي يكدح الناس مثلاً في مواجهة ثالوث الجهل والفقر والمرض, نجد طائفة منهم, تلمع عقولها في تلمس الطرق والوسائل والعلوم التي تخلصنا من هذه المواجهات الأليمة على طريق التنمية الثقافية , وذلك انطلاقاً من البحث في إمكانية تحقيق تقدم, وإيجاد مخارج متنوعة, كما أن الناس يجتهدون مثلاً في ابتكار وسائل مختلفة لمحاربة الفراغ , فيملؤنه بنشاطات مفيدة , تعبر عن موروث متميز , وشخصية متفردة, وهكذا تمكّن الإنسان من مغالبة المشكلات, وتمكّن من تأمين مرتكزات لتلبية حاجاته النفسية والاجتماعية والمادية والحيوية وغيرها , إن هذه المرتكزات, تمكّنه من أن يعيش في أبعاد الحياة كاملة, ماضياً وحاضراً ومستقبلاً , راضياً , مشاركاً, ونافعاً , ومستمتعاً, وسعيداً, ثم بعد ذلك, تمكّنه من تحقيق منجزات ترقى بالإنسان, وتطوره , وتنميه , وتزيد من حسن استغلاله لما حوله من نعم وموارد وإمكانيات , وتزيد من تسخيره للبيئة ومواردها, وترفع من الكسب المادي والمعنوي لديه, وبالتالي زيادة الذاتية والرفاهية والكرامة الإنسانية التي وهبها الله للإنسان ، فالإنسان جزء متميز من المخلوقات في هذا الكون , وهو قادر بخصائصه النوعية, ومنها إرادته واختياره وقدراته العقلية وذاكرته الحضارية ومهاراته, على التأثير في المكونات من حوله, وتحويلها إلى معطيات لخدمته وخدمة أهدافه, وإلى معطيات لمواجهة تحديات البيئة, والمحيط من حوله.

إن التنمية والثقافة والإنسان, مفاهيم متكاملة, وهي المقومات الآمنة الراقية الأساسية, لصناعة الحياة المتطورة, التي تقوم على وسائل وأهداف, لصناعة الرقي الإنساني المتمثل في الحضارة , والتنمية هي وسيلة الحضارة وغايتها,
ومن أكثر أطراف العملية التربوية أهمية عنصري الفرد والثقافة , فالتربية تُعنى بنقل التراث الثقافي من جيل لآخر , كما تُعنى بتطوير هذا التراث وتطهيره من الخرافات والسلبيات, وتقوم على المحافظة على ما في الثقافة من قيم وأخلاق وتدعمهما , وتهتم بغرس الثقافة في الفرد, من خلال التنشئة بوسائط متعددة, مثل الأسرة والمناهج الدراسية ودور العبادة وغيرها , سعياً لتوجيه المجتمع نحو الأفضل , فالفرد ينشأ من خلال الثقافة التي تحيط به وبمجتمعه, والتي تشكّله , كما يسهم هو أيضاً في تشكّيلها وتمثيلها بطوابع متميزة, كما أن التربية تستفيد من البعد المعرفي للثقافة, المتمثل في المعارف والاعتقادات والتقاليد وسائر طرائق التعبير, وبالتالي فإن الثقافة في معنىً من معانيها جزءٌ من عملية التربية والتعليم . هذا وللثقافة وزيادتها صلة وثيقة بالتنمية , والعنصر البشري, أهم عناصر الإنتاج بشكل عام, ونوعيته هي العامل الحاسم في تحديد التقدم والتخلف في الشعوب , وبقدر سلامة البنية الثقافية للفرد, تكون سلامة أدائه التنموي لمجتمعه وبيئته في جميع مجالات الإنتاج , فالتنمية ليست عملية آلية يمكن إتمامها من خلال رفع معدلات الاستثمار أو تحديث بعض أساليب الإنتاج, بل إن الدور البشري هو أهم الأدوار في أي عملية تنموية , وتنمية الموارد البشرية, سابق في أهميته على تنمية الموارد الاقتصادية أو الصناعية أو الزراعية ...أو غيرها , كما أن الجزء الأهم في عملية التشكيل الثقافي للفرد المكون للموارد البشرية هو التربية والتعليم, وعليه فإن الحاجة ماسة جداً, إلى مزيد من الاهتمام بالتربية والتعليم عموماً, ومزيد من الاهتمام بتوجيه الفرد والأمة نحو الثقافة الوطنية, التي تعرّفه حقوق الأفراد وواجباتهم وتعرفه بتركيبة المجتمع , وبشؤون الحكومة والعلاقات المقبولة مع ما حولنا من بيئة , والحاجة أيضاً ماسة جداً إلى ربط قويٍ بين الثقافة الوطنية والخطط التربوية , ولابد أن يعاد النظر في العلاقة بين التنمية والثقافة بين الحين والآخر, لتواكب هذه الأخيرة, جميع التغييرات المحلية والعالمية, وتتماشى مع التحاور والتبادل في الثقافات المختلفة وتناميها .
ولذا فقد نشأت في المجتمعات هيئات ومنظمات ثقافية تدعم تلبية هذه الحاجات , ومن أمثلتها: الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون, ومؤسسة الفكر العربي ... وغيرها, بل لقد حولت بعض الدول مسمى وزارة التعليم إلى وزارة المعارف, وأُنشئت في بعض الدول في وزارات التربية والتعليم إدارات متخصصة للثقافة, ووكالات حكومية للثقافة, بل وأُنشئت في بعض البلاد العربية وزارة مستقلة للثقافة, ومن أهم لأمثلة على هذه الهيئات أيضاً, المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, التابعة لجامعة الدول العربية, التي من أهم أولوياتها, القيام على تراث الأمة, وإخصاب النشاط الثقافي والفني, في مجالات الآداب والفنون والآثار والإعلام والتعليم, وتوطين العلوم وتطبيقاتها التكنولوجية, وتشجيع البحوث العلمية, لتحقيق المعاصرة الحضارية, مع الاهتمام بتقديم الثقافة العربية للعالم, فكراً وفناً وحضارة .
كما أقيمت المؤتمرات والندوات والنشاطات الثقافية المختلفة, من أمثلتها مهرجان الجنادرية السعودي في الرياض , ونشاطات اختيار عاصمة الثقافة العالمية, وعاصمة الثقافة العربية, وعاصمة الثقافة الإسلامية, وما شابه ذلك .
وكل ذلك لبنات في بناء التنمية الثقافية, على طريق بناء التنمية الشاملة

descriptionبحث في التنمية الاجتماعية Emptyرد: بحث في التنمية الاجتماعية

more_horiz
بحث في التنمية الاجتماعية 128711741116

descriptionبحث في التنمية الاجتماعية Emptyرد: بحث في التنمية الاجتماعية

more_horiz
MERCII

descriptionبحث في التنمية الاجتماعية Emptyرد: بحث في التنمية الاجتماعية

more_horiz
يسلموووووووووووووو
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد