ولد
الشيخ عبد الحميد بن باديس سنة 1889 بقسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، أو
كما كانت تسمى في عهده العاصمة العلمية، فتربى بها وترعرع وتعلم
بكتاتيبها، ثم انتقل إلى تونس حيث أكمل تعليمه بالزيتونة التي تخرج منها
سنة 1911، ومذ ذلك التاريخ أخذ الشيخ على عاتقه العمل الدعوي والإصلاح
الاجتماعي والنضال الوطني، كغاية له في هذه الذنيا، فسلمها كل وقته
وإمكانياته، وقد عبر عن ذلك بعنوان لمحاضرة له ألقاها مفتتحا لها بقوله
"لمن أعيش؟" وأجاب عن السؤال "أعيش للإسلام وللجزائر"، ثم ذهب يفصل في
كيفية العيش للإسلام وللجزائر.
في
سنة 1913 سافر إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج، ليلتقي هناك بصديقه
ورفيق دربه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، ويناقشا معا كيفية القيام بعمل
جماعي للنهوض بالأمة التي أنهكها الظلم الإستعماري، وفتك بها الجهل
والأمية والطرق الصوفية المنحرفة... وبعد عودته من الحج، شرع في التدريس
بالجمع الأخضر، لعلوم الوحي واللغة العربية، وبث التي تعد لغة ضرة يمنع
تدريسها، فهي في عرف الإستعمار لغة أجنبية.
وفي
سنة 1924 كان قد عاد جمع من الشيوخ من المشرق الإسلامي. فقد عاد الشيخ
الطيب العقبي من الحجاز وأقام بسيدي عقبة، وأسس جريدة الإصلاح، وعاد الشيخ
البشير وأقام بسطيف، وعاد العربي التبسي من القاهرة حيث كان يدرس بالأزهر
ليقيم بتبسة.. وفي هذه السنة عادت فكرة تنظيم العمل ولم شمل الجهود، فكانت
التسمية المقترحة من طرف الشيخ باديس التي تقدم بها لأخيه البشير "جمعية
الإخاء العلمي" وطلب منه وضع قانون أساسي لها، ولكن الأمور تعطلت لأسباب
نجهلها.. وفي نفس الوقت، أسس جريدته الأولى "المنتقد" وهي جريدة ناقدة،
حادة في أسلوب نقدها، شعارها "انتقد ولا تعتقد" ردا على الصوفية المنحرفة
التي كانت تلقن مريديها أن يكونوا بين أيدي الشيوخ كالميت بين يدي
الغسال...، ثم تعطلت بسبب حدة طروحاتها، حيث لم تعمر ولم يصدر منها غير 18
عددا، ثم استبدلت بجريدة "الشهاب" التي كان شعارها الإصلاحي "لا يصلح آخر
هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، أما في الشق السياسي فقد كان الشعار
"جميع الحقوق لمن قاموا بكل الواجبات".
في
سنة 1931 تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وانتخب رئيسا لها في
غيابه، فقاد الجمعية برضا الجميع؛ بل يعود له الفضل الكبير في تنوير الرأي
العام وإنضاجه إلى المستوى الذي آل إليه عشية تأسيس الجمعية، حيث كان جل
شيوخ الجمعية ومؤسسيها من تلاميذه بالجامع الأخضر، وإخوانه القادمين من
الزيتونة والحجاز والأزهر.
ورغم
أن رئاسته للجمعية قد استمرت إلى أن توفاه الله سنة 1940، فإن مجلة الشهاب
لم تتوقف، وبقيت تصدر باسمه، إلى جانب منشورات الجمعية –الصراط، السنة،
الشريعة وأخيرا البصائر-.
في
سنة 1936 دعا الشيخ ابن باديس إلى عقد المؤتمر الإسلامي، الذي جمع كل
التيارات السياسية والإصلاحية في البلاد، وشكل وفد ليحمل مطالب الجزائريين
للسلطات الفرنسية، ولكن العجرفة الإستعمارية ردته خائبا، فعاد ابن باديس
من فرنسا، وغير شعار "شهابه" الذي كان "جميع الحقوق لمن قاموا بكل
الواجبات" ليصبح "فلنعتمد على أنفسنا ونتكل على الله"؛ لأنه شعر بتهديد
مبطن من طرف وزير الحرب الإستعماري الذي قال له "عندنا المدافع" فرد الشيخ
عليه قائلا "ونحن عندنا مدافع الله".
في
سنة 1939 طلبت منه فرنسا أن يبعث برسالة تأييد لفرنسا في دخولها الحرب
الأوروبية الثانية، و بهذه المناسبة قال قولته الشهيرة "لو قالت لي فرنسا
قل لا إله إلا الله ما قلتها". فتعطلت نشاطات الجمعية، ولم تمض إلا سنة
واحدة لتفقد الجمعية رئيسها أيضا ويعتقل الكثير من رجالها، ولن تعود إلى
النشاط إلا بعد الحرب... ...وقد لفظ الشيخ عبد الحميد بن باديس أنفاسه
الأخيرة رحمة الله عليه في ليلة الثلاثاء الثامن من ربيع الأول سنة 1359
هـ الموافق لـ 16 أبريل 1940 م في مسقط رأسه بمدينة قسنطينة، التي اتخذها
في حياته مركزا لنشاطه التربوي، والإصلاحي، والسياسي، والصحافي.
الشيخ عبد الحميد بن باديس سنة 1889 بقسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، أو
كما كانت تسمى في عهده العاصمة العلمية، فتربى بها وترعرع وتعلم
بكتاتيبها، ثم انتقل إلى تونس حيث أكمل تعليمه بالزيتونة التي تخرج منها
سنة 1911، ومذ ذلك التاريخ أخذ الشيخ على عاتقه العمل الدعوي والإصلاح
الاجتماعي والنضال الوطني، كغاية له في هذه الذنيا، فسلمها كل وقته
وإمكانياته، وقد عبر عن ذلك بعنوان لمحاضرة له ألقاها مفتتحا لها بقوله
"لمن أعيش؟" وأجاب عن السؤال "أعيش للإسلام وللجزائر"، ثم ذهب يفصل في
كيفية العيش للإسلام وللجزائر.
في
سنة 1913 سافر إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج، ليلتقي هناك بصديقه
ورفيق دربه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، ويناقشا معا كيفية القيام بعمل
جماعي للنهوض بالأمة التي أنهكها الظلم الإستعماري، وفتك بها الجهل
والأمية والطرق الصوفية المنحرفة... وبعد عودته من الحج، شرع في التدريس
بالجمع الأخضر، لعلوم الوحي واللغة العربية، وبث التي تعد لغة ضرة يمنع
تدريسها، فهي في عرف الإستعمار لغة أجنبية.
وفي
سنة 1924 كان قد عاد جمع من الشيوخ من المشرق الإسلامي. فقد عاد الشيخ
الطيب العقبي من الحجاز وأقام بسيدي عقبة، وأسس جريدة الإصلاح، وعاد الشيخ
البشير وأقام بسطيف، وعاد العربي التبسي من القاهرة حيث كان يدرس بالأزهر
ليقيم بتبسة.. وفي هذه السنة عادت فكرة تنظيم العمل ولم شمل الجهود، فكانت
التسمية المقترحة من طرف الشيخ باديس التي تقدم بها لأخيه البشير "جمعية
الإخاء العلمي" وطلب منه وضع قانون أساسي لها، ولكن الأمور تعطلت لأسباب
نجهلها.. وفي نفس الوقت، أسس جريدته الأولى "المنتقد" وهي جريدة ناقدة،
حادة في أسلوب نقدها، شعارها "انتقد ولا تعتقد" ردا على الصوفية المنحرفة
التي كانت تلقن مريديها أن يكونوا بين أيدي الشيوخ كالميت بين يدي
الغسال...، ثم تعطلت بسبب حدة طروحاتها، حيث لم تعمر ولم يصدر منها غير 18
عددا، ثم استبدلت بجريدة "الشهاب" التي كان شعارها الإصلاحي "لا يصلح آخر
هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، أما في الشق السياسي فقد كان الشعار
"جميع الحقوق لمن قاموا بكل الواجبات".
في
سنة 1931 تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وانتخب رئيسا لها في
غيابه، فقاد الجمعية برضا الجميع؛ بل يعود له الفضل الكبير في تنوير الرأي
العام وإنضاجه إلى المستوى الذي آل إليه عشية تأسيس الجمعية، حيث كان جل
شيوخ الجمعية ومؤسسيها من تلاميذه بالجامع الأخضر، وإخوانه القادمين من
الزيتونة والحجاز والأزهر.
ورغم
أن رئاسته للجمعية قد استمرت إلى أن توفاه الله سنة 1940، فإن مجلة الشهاب
لم تتوقف، وبقيت تصدر باسمه، إلى جانب منشورات الجمعية –الصراط، السنة،
الشريعة وأخيرا البصائر-.
في
سنة 1936 دعا الشيخ ابن باديس إلى عقد المؤتمر الإسلامي، الذي جمع كل
التيارات السياسية والإصلاحية في البلاد، وشكل وفد ليحمل مطالب الجزائريين
للسلطات الفرنسية، ولكن العجرفة الإستعمارية ردته خائبا، فعاد ابن باديس
من فرنسا، وغير شعار "شهابه" الذي كان "جميع الحقوق لمن قاموا بكل
الواجبات" ليصبح "فلنعتمد على أنفسنا ونتكل على الله"؛ لأنه شعر بتهديد
مبطن من طرف وزير الحرب الإستعماري الذي قال له "عندنا المدافع" فرد الشيخ
عليه قائلا "ونحن عندنا مدافع الله".
في
سنة 1939 طلبت منه فرنسا أن يبعث برسالة تأييد لفرنسا في دخولها الحرب
الأوروبية الثانية، و بهذه المناسبة قال قولته الشهيرة "لو قالت لي فرنسا
قل لا إله إلا الله ما قلتها". فتعطلت نشاطات الجمعية، ولم تمض إلا سنة
واحدة لتفقد الجمعية رئيسها أيضا ويعتقل الكثير من رجالها، ولن تعود إلى
النشاط إلا بعد الحرب... ...وقد لفظ الشيخ عبد الحميد بن باديس أنفاسه
الأخيرة رحمة الله عليه في ليلة الثلاثاء الثامن من ربيع الأول سنة 1359
هـ الموافق لـ 16 أبريل 1940 م في مسقط رأسه بمدينة قسنطينة، التي اتخذها
في حياته مركزا لنشاطه التربوي، والإصلاحي، والسياسي، والصحافي.