قال الله تعالى : {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}(1) وقال تعالى : {فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ }(2) ، وقال تعالى : {وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} (3) ، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : « مَنْ حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضياه فلم يقضِ بينهما بالحق ، فعليه لعنة الله » . وعن أبي حازم قال : دخل عمر على أبي بكر رضوان الله عليهما فسلم عليه فلم يرد عليه ، فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف : أخاف أن يكون وجد عليَّ (4) خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم . فكلم عبد الرحمن أبا بكر فقال : أتاني ، وبين يديَّ خصمان قد فرغت لهما قلبي وسمعي وبصري ، وعلمت أن الله سائلي عنهما ، وعمَّا قالا وقلت . وادَّعى رجل على عليٌّ عند عمر رضي الله عنهما وعليّ جالس ، فالتفت عمر إليه وقال : يا أبا الحسن قم فاجلس مع خصمك فتناظرا . وانصرف الرجل ورجع عليٌّ إلى مجلسه ، فتبين لعمر التغير في وجه علي . فقال : يا أبا الحسن مالي أراك متغيرًا أكرهت ما كان ؟ قال : نعم . قال : وما ذاك ؟ قال : كنيتني بحضرة خصمي ، هلاً قلت : يا علي قُمْ فاجلس مع خصمك . فأخذ عمر برأس علي رضي الله عنهما فقبله بين عينيه ثم قال : بأبي أنتم بكم هدانا الله ، وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه : القاضي كالغريق في البحر الأخضر إلى متى يسبح وإن كان سابحًا . وأراد عمر بن هبيرة أن يولي أبا حنيفة القضاء فأبي فحلف ليضربنه بالسياط وليسجننه فضربه حتى انتفخ وجه أبي حنيفة ورأسه من الضرب . فقال : الضرب بالسياط في الدنيا أهون عليَّ من الضرب بمقامع (5) الحديد في الآخرة .
وعن عبد الملك بن عمير عن رجل من أهل اليمن قال : اقبل سيل باليمن في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فكشف عن باب مغلق ، فظنناه كنزًا ، فكتبنا إلى أبي بكر رضي الله عنه فكتب إلينا : لا تحركوه حتى يقدم إليكم كتابي ، ثم فتح فإذا برجل على سرير عليه سبعون حلة منسوجة بالذهب ، وفي يده اليمنى لوح مكتوب فيه هذان البيتان :
وعن عبد الملك بن عمير عن رجل من أهل اليمن قال : اقبل سيل باليمن في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فكشف عن باب مغلق ، فظنناه كنزًا ، فكتبنا إلى أبي بكر رضي الله عنه فكتب إلينا : لا تحركوه حتى يقدم إليكم كتابي ، ثم فتح فإذا برجل على سرير عليه سبعون حلة منسوجة بالذهب ، وفي يده اليمنى لوح مكتوب فيه هذان البيتان :
إذا خــــانَ الأمـيــــرُ وكــاتـبـــــاه .... وقاضي الأرض داهنَ (6) في القضاء
فــويــــلٌ ثـــــم ويـــــلٌ ثـــم ويـلٌ .... لـقـــاضي الأرضِ مـن قاضي السماءِ
و إذا عند رأسه سيف ، أشد خضرة من البقلة مكتوب عليه : هذا سيف عاد بن إرم .
عن ابن أبي أوفي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : « إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ ، فإذا جار، برئ الله منه ، و لزمه الشيطان »(7) . وقال محمد بن حريث : بلغني أن نصر بن علي راودوه على القضاء بالبصرة واجتمع الناس إليه فكان لا يجيبهم ، فلما ألحوا عليه دخل بيته ونام على ظهره وألقى ملاءة على وجهه وقال : اللَّهم إن كنت تعلم أني لهذا الأمر كاره فاقبضني إليك ، فقبض (8) . وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : « القضاة جسور للناس يمرون على ظهورهم يوم القيامة » . وقال حفص بن غياث لرجل كان يسأله عن مسائل القضاء : لعلك تريد أن تكون قاضيًا لأن يدخل الرجل أصبعه في عينيه فيقلعهما ويرمي بهما خير له من أن يكون قاضيًا .
وقيل : أول من أظهر الجور من القضاة بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري كان أمير البصرة وقاضيًا فيها ، وكان يقول : إن الرجلين يتقدمان إليَّ ، فأجد أحدهما اخفَّ على قلبي من الآخر فاقضي له .
وتقدم المأمون بين يدي القاضي يحيى بن أكثم مع رجل ادعى عليه بثلاثين ألف دينار فطُرِحَ للمأمون مصلى يجلس عليه، فقال له يحيى: لا تأخذ على خصمك شرف المجلس، ولم يكن للرجل بيّنة(9)
فأراد أن يحلف المأمون ، فدفع إليه المأمون ثلاثين ألف دينار وقال : والله ما دفعت لك هذا المال إلا خشية أن تقول العامة : إني تناولتك من جهة القدرة ، ثم أمر ليحيى بمال وأجزل عطاءه .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة ص : 26 .
(2) - سورة ص : 22 .
(3) - سورة المائدة : 47 .
(4) - وجد عليَّ : غضب .
(5) - مقامع : مفردها مقمعة : عود تتخذ للضرب .
(6) - داهنَ : جامل .
(7) - أخرجه : ذي في الترمذي في الأحكام 1330 .
(8) - فقبض : أي توفي .
(9) - بيّنة : دليل و برهان .
من كتاب " المستطرف في كل فن مستظرف " للكاتب شهاب الدين محمد الأبشيهى . تحقيق الدكتور مصطفى محمد الذهبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة ص : 26 .
(2) - سورة ص : 22 .
(3) - سورة المائدة : 47 .
(4) - وجد عليَّ : غضب .
(5) - مقامع : مفردها مقمعة : عود تتخذ للضرب .
(6) - داهنَ : جامل .
(7) - أخرجه : ذي في الترمذي في الأحكام 1330 .
(8) - فقبض : أي توفي .
(9) - بيّنة : دليل و برهان .
عدل سابقا من قبل ليلى احمد علي في الجمعة 12 فبراير 2010 - 20:14 عدل 1 مرات