حمل اللقاء الودي الأول بين الجزائر
وصربيا التحضيري للمونديال الجنوب إفريقي، عديد الملاحظات الإيجابية
والسلبية التي ظهرت بشكل جلي لدى تشكيلة الخضر في أعقاب هذا الاختبار
الودي، بما يستوجب على الطاقم الفني الوطني مراجعة شاملة قبيل مونديال
نقترب منه بسرعة كبيرة.
النسوج كانت حاضرة رغم غياب
الفعالية
من وجهة إيجابية، وبشهادة المدرب الصربي
“رادومير أنتيش” نفسه، برز الخضر بلعبهم الجماعي المتقن الذي كان يأخذ في
مرات عديدة شكل نسوج جميلة، وهو ما لاحظناه بشكل خاص في المرحلة الأولى، ما
مكّن من صنع عدة محاولات أضاعها كل من مطمور وغزال، ولعل اللقطة التي
أضاعها مطمور في الربع الساعة الأول نموذجية، إذ بعد سبع تمريرات كاملة،
وجد مطمور نفسه منفردا بالحارس ستانكوفيتش، وهي إيجابيات ينبغي الاشتغال
عليها لتطويرها لا سيما من خلال تقوية عنصر الفعالية أمام المرمى، طالما
أنّ مطمور أضاع الفرصة نفسها التي أتيحت له أمام كوت ديفوار في ربع نهائي
كأس إفريقيا الأخيرة.
حراسة المرمى.. التدعيم يفرض
نفسه
لن نغالي إذا ما قلنا أنّ حراسة المرمى
رفقة خط الدفاع باتا كل منهما بمثابة المعضلة التي تقلق عشاق الخضر، وبلغة
الأرقام اهتزت الشباك الجزائرية 13 مرة خلال السبع المقابلات الأخيرة،
بعدما اهتزت في ثلاث مناسبات فقط خلال العام الماضي.
وأمام اللياقة السيئة التي يبدو عليها
الحارس الوناس قاواوي الذي تلقى أربع إصابات في لقاء ناديه أولمبي الشلف
ضدّ جمعية الخروب قبل أيام، كان من الأجدى الدفع بالحارس الشاب محمد الأمين
زماموش خصوصا مع المردود الطيب الذي قدّمه حارس مولودية العاصمة في
المقابلات الأخيرة للبطولة.
وأصبحت عودة “فوزي شاوشي” حارس وفاق سطيف تفرض نفسها بنسبة كبيرة اعتبارا
من التربص القادم للخضر، اللهمّ إلاّ إذا تلقى بطل ملحمة أم درمان عقوبة
قاسية من الفيفا قد تحرمه من المونديال – وهو ما لا نتمناه -، كما يُمكن
الاعتماد على خدمات الحارس الجزائري المغترب “جمال بلقاسم ” الذي ينشط مع
نادي كليرمون فيرون الفرنسي، علما أنّ مراد مغني وحسان يبدة اللذين سبق
لهما اللعب مع بلقاسم في الأصناف الصغرى للمنتخب الفرنسي، أشادا كثيرا في
مختلف تصريحاتهما بقدرات الحارس المذكور.
كما يفرض تدعيم الخط الدفاعي نفسه، من
خلال الاستعانة بخدمات الأخوان زرابي (نيم الفرنسي وفيتوريا سيتوبال على
التوالي)، محمد شاقوري (شارلوروا البلجيكي) ومحمد بلعيد (أنترخت فرانكفورت
الألماني)، حيث يمكن للعناصر المُشار إليها تقديم الإضافات المطلوبة على
مستوى الرواقين الأيمن والأيسر، فضلا عما سيوفره هؤلاء من أوراق رابحة
وبدائل جاهزة على مستوى المحور أيضا.
أخطاء في التموقع وجب تصحيحها
في مقابلة صربيا حافظ سعدان على نفس هيكله
التكتيكي (4-3-2-1) الذي قام أحيانا بتحويره إلى ( 4 – 4- 2)، ثمّ إلى ( 3
– 5 – 2) في الثلث الأخير للمقابلة، لكن اللافت أنّ المدرب الوطني يميل
دائما إلى حشد عدد كبير من لاعبيه في القاطرة الخلفية، على غرار وضع
منصوري، لحسن ويبدة كثلاثي استرجاع، وتشكيله لرباعي دفاع (رحو – عنتر يحيى –
حليش – وبلحاج) مع ميل هجومي للأخير على الرواق الأيسر.
المثير أنّ سعدان ورغم ما ترتب عن هذه
الخطة التي لعب بها أيضا مقابلات كأس إفريقيا الأخيرة بأنغولا، لا سيما مع
تركه عبد القادر غزال وحيدا في الهجوم، وتكليف مطمور بالانطلاق في العمق
وعلى الرواقين، إلاّ أنّه أعاد تنفيذ المخطط ذاته ضدّ أشبال “رادومير
أنتيش”، مع أنّه كان من الأجدى الدفع بالمهاجم رفيق جبور منذ البداية أو
تكليف مطمور بمهام هجومية محضة.
ويُضاف إلى ما قلناه، عنصر التموقع
السيئ لعناصر التشكيلة الوطنية في مقابلة الأمس التي جاءت إصاباتها الثلاث
من جهة المدافع الأيمن رحو سليمان، ما يطرح تساؤلات حول مدى لياقة المدافع
السطايفي المخضرم، ولا بدّ أن ننوّه في هذا المقام بالدور المتميز الذي
أداه الوافد الجديد مهدي لحسن على الجهة اليسرى حيث أجاد تغطية بلحاج في كل
مرة كان يقوم فيها الظهير الأيسر لنادي بورتسموث الإنجليزي بالمناورة في
الهجوم.
هذه الملاحظات وغيرها أبرزها عديد
التقنيين أمثال مصطفى كويسي، ناصر بويش وعز الدين آيت جودي، وبفعل ذلك وجد
ستانكوفيتش ورفقائه مساحات شاغرة مكنتهم من تطوير لعبهم وخلق عدة فرص
سانحة، خلافا للخضر الذين اكتفوا ببضع فرص معدودات على مدار الـ90 دقيقة.
الأولوية ينبغي أن تكون
للاعبين التنافسيين
لعلّ الاختبار الدولي الودي الأول من نوعه
تحسبا للمونديال، كشف عن تأثيرات غياب المنافسة لكثير من العناصر الوطنية،
فزياني، مطمور، عنتر يحيى وهم مفاتيح اللعب بالنسبة للخضر، لم يلعبوا مع
نواديهم بشكل متفاوت منذ الشهر الماضي، وهو ما جعل تحركات زياني كريم ثقيلة
خلافا للعادة، وبدرجة أقل كريم مطمور وعنتر يحيى.
والبديهي أنّ منافسة كبرى بحجم كأس
العالم، تفرض على كل لاعب أن يكون في قمة مستواه البدني والتنافسي، وهو
منطلق يستند إليه مختلف الطواقم الفنية للمنتخبات العالمية في انتقاء
اللاعبين، وقد جسّد هذا المبدأ مدربون كبار بوزن سكولاري البرازيلي، دومنيك
الفرنسي، وكلينسمان الألماني، ولن يكون سعدان استثناءا إن طبّق هذه
القاعدة في قادم الأيام.
معضلة الهجوم حلها في الدفع
بذوي الحاسة التهديفية
بلغة الإحصائيات، بلغت مدة صوم خط الهجوم
الجزائري عن التهديف 270 دقيقة، وهي فترة زمنية طويلة بالنسبة لمنتخب
مونديالي يريد مقارعة الكبار بعد ثلاثة أشهر من الآن.
ودون التشكيك في قيمة ومهارات
المهاجمين الحاليين على غرار غزال، جبور، مطمور، وقبلهما صايفي وزياية،
إلاّ أنّ مسألة تدعيم القاطرة الأمامية باتت تفرض نفسها بقوة، ولا ريب أنّ
سعدان ومعاونيه سيسعون خلال الأيام القليلة المقبلة للتفتيش عن العناصر
النادرة التي تمتلك الحس التهديفي، ويمكنها منح الخضر الإضافة اللازمة،
يُمكن لفرديات مثل “محمد بن يمينة” (اتحاد برلين الألماني)، وكذا كريم
سلطاني (هوفنهايم الهولندي)، محمد قديورة (ستوك سيتي الإنجليزي)، وحتى كمال
غيلاس (هال سيتي) الذي انتفض هذا الأسبوع وسجّل هدفين، يمكن لكل هؤلاء أن
يستجيبوا لما هو مطلوب، ويخرجوا الخط الأمامي للخضر من تقوقعه الحالي.