دعا المشاركون في الملتقى الدولي حول “أبي
مدين طريقة وآثار” المختتم هذا الخميس بتلمسان إلى جمع كل مخطوطات هذا
الوالي الصالح من طرف مختصين وباحثين وطبعها بعد إخضاعها لغربلة دقيقة.
وترمي هذه العملية الأخيرة إلى تصفية وتمييز كل ما يتصل بشخص العلاّمة سيدي
بومدين، ويتطلع عرّابو الملتقى إلى جعل ملتقى أبي مدين سنويا لدراسة كل
المحاور المتعلقة بالشيخ سيدي بومدين والأقطاب التي تعامل معها خلال حياته
الثرية بالأحداث والمواقع.
كما طالب المشاركون بطبع محاضرات وأعمال هذا الملتقى المنظم على مدار يومين
من طرف المديرية الولائية للثقافة رفع المشاركون اقتراحا يخص “تحويل ضريح
سيدي أبي مدين وملحقاته والمدرسة الخلدونية بتلمسان إلى متحف ومركز إشعاع”.
وقد خصص اليوم الأخير للقاء إلى “الكرامات” أو ما يعرف عند عامة الناس
بـ”البركة” التي كان يتمتع بها الوالي الصالح سواء التي رواها عن نفسه أو
جاءت في “المدونات الربانية” التي أعدها موردوه ويسردون مختلف الخوارق
والأعمال شأنه في ذلك شأن كل مشايخ الصوفية مثل عبد القادر الجيلاني وابن
عربي.
وحول هذا الموضوع، قدّم الأستاذ “محمد سعيدي” من جامعة تلمسان قراءة
تحليلية لكرامات أبي مدين شعيب أبرز من خلالها البعد الصوفي والروحي للنصوص
التي توارثها الأجيال حول هذه الشخصية، مؤكدا أنّ التحليل الدلالي
والسيميائي لهذه النصوص تبرز مدى تفاعل العجائب والأسطورة بالفعل الطقوسي.
أما الدكتور تيجاني بن عيسى فحاول شرح حكم وبعض الكرامات من خلال أقوال
الشيخ العلاوي، مؤكدا أنّ هذين الرجلين الصالحين خاضا تجربة صوفية تركت
إرثا عظيما من النصوص والمصطلحات والروايات حسب الخيال الخصب للصوفي وغنية
غنى وجدانه وطاقته النفسية المعطاءة.
للتذكير مكّن هذا اللقاء الذي سجل حضور أساتذة وباحثين من الجزائر وتونس
وفرنسا والعديد من مشايخ الزوايا بالوطن من إبراز طريقة ودور سيدي أبي مدين
في الحركة الصوفية وكذا الأعمال والمآثر التي تركها كمنهج لموريده وساهمت
في انتشار الطريقة الصوفية بالمغرب العربي أنذاك.
وتناول محاضرون عدة مواضيع على غرار سيدي بومدين وفلسفة الصوفية وأثار هذا
الوالي الصالح في تاريخ التصوف والزوايا وعلاقته ببعض أقطاب الصوفية كسيدي
عبد القادر الجيلاني مع التطرق إلى ممتلكاته الوقفية بمدينة القدس الشريف
ومشاركته في صد الهجمات الصليبية بفلسطين.
يُشار إلى أنّ أمسية هذا الخميس خُصصت لتنظيم جولة تقود المشاركين إلى بعض
المزارات الدينية وفي مقدمتها المجمع الديني للعباد، إضافة إلى بعض المعالم
الأثرية لمدينة تلمسان.