قتل الرحمة هو تسهيل موت الشخص المريض الميؤوس
من شفائه, بناءً على طلب ملح منه, مقدم للطبيب المعالج، ويقسم الأطباء ما يسمى
بالموت الرحيم إلى قسمين:
·
قتل الرحمة الإيجابي, تيسير الموت الفعال, وهو
أن يقوم الطبيب المعالج بإجراء فعال يودي بحياة المريض المصاب مثلاً (بالسرطان),
والذي يعاني من الألم..., وذلك بإعطاء المريض جرعة عالية من دواء قاتل يوقف تنفسه
وينهي حياته.
·
قتل الرحمة السلبي أو تيسير الموت المنفعل,
وهو عملية تسهيل وفاة المريض الميؤوس من شفائه, وذلك بإيقاف أو عدم إعطاء العلاج,
مثل إيقاف جهاز التنفس أو عدم وضعه عندما يحتاج إليه المريض, بناءً على طلب
المريض, أو عدم إعطائه العقاقير التي تُعالج الأمراض الأخرى [1].
فما حكم تيسير الموت
بنوعيه؟
وبداية نقول إن تيسير الموت الفعال هو قتل, ولا
نشك في حرمته, قال تعالى:
]وَلاَ تَقْتُلُواْ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ[ [2]،.ووردت
الأحاديث الصحيحة تنهى عن القتل, "فإن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا "[3].
كما نهى الإسلام عن الانتحار بشتى صوره
وأشكاله, وتوعّد عليه بالوعيد الشديد, فقال r "من تردّى من جبل فقتل
نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً, ومن تحسّى سماً فقتل
نفسه, فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها....الحديث "[4]
إن من واجب الطبيب أن يبعث الأمل في نفس المريض
بالشفاء, فيواسيه ويصبّره, وإن على المريض أن يثق بالله تعالى, وأن ينظر إلى المرض
بمنظور الإيمان, فيصبر على البلاء, ويرضى بالقضاء, ويتطلع ويسأل الله الشفاء, ولا
ييأس من رحمة الله.
إن لجوء المريض إلى الطلب من طبيبه, أن يسارع في
حقنه بعقار يعجل بوفاته, ليسكن بذلك من ألمه, ويخلصه من معاناته, هو انتحار, فقد
أصيب أحد المقاتلين وكان يقاتل في صف النبي r وصحابته, فاتكأ على رمحه من شدة الألم فقتل
نفسه, فقال رسول الله r "هو في النار" [5].
وإقدام الطبيب على تيسير الموت الفعال, جريمة
قتل سواء كان بإذن المريض أو بغير إذنه, فكلا القاتل والمقتول مرتكبان للإثم
العظيم؛ القاتل لتنفيذه الجريمة, والمقتول لطلبه تنفيذها, وهو كبيرة من الكبائر,
ولو فعل ذلك الطبيب بغير إذن المريض لاستحق القصاص.
قال
النووي:" ولو قَتَلَ مريضاً في النزع, وعيشه عيش المذبوح, وجب القصاص "[6], إذ لم
ينقطع الأمل بشفائه بالنسبة لقدر الله, ولأن حياته لا زالت مستمرة. إن الطبيب الذي
يشارك في إعطاء هذه الجرعة لمريضه أو يؤخر عنه علاجه, ويقطع عنه فعل المَنفَسَه,
يشارك في جريمة الانتحار, وثمة قاعدة تقول:"مَن أعان على معصية, ولو بشطر
كلمة, كان شريكاً لصاحبها فيها "[7] . ولكن
ماذا عن تيسير الموت المنفعل؟ وصورته, منع
الدواء عن المريض الذي لا يرجى بُرؤه, وقد تيقن أن العلاج الذي يُعطى له غير مجدٍ,
وجزم بذلك الأطباء. وهنا نقول: إن على الطبيب أن يستمر في إعطاء الدواء ما دام
الدواء متوفراً, ولكن للمريض بناءً على ما تقرر من عدم وجوب التداوي في مثل هذه
الحالة, للمريض أن يمتنع عن أخذ الدواء متى تحقق عدم جدواه وجَزَمَ الأطباء بذلك.
الخاتمة
والتوصيات:
ونختم ورقتنا هذه بما يلي:
1.
إننا نجد في الشريعة الإسلامية الغَرّاء حكماً
وحّلاً لكل ما يستجد في حياة الإنسان من مسائل في كل مصر وكل عصر.
2.
اتفق الفقهاء على جواز التداوي لما فيه من حفظ
النفس, وإن التداوي تعتوره الأحكام التكليفية بالنظر إلى مستوى المرض من حيث الخطورة
أو مدى نجاعة العلاج.
3.
توصل المجمع الفقهي إلى أن موت الدماغ موت. ويُعمل
بذلك إذا توفرت شروط ومعايير موت الدماغ, بعد توفّر العلم والعدالة في الأطباء
المشرفين على ذلك.
4.
اتفق الفقهاء في حالة ثبوت موت الدماغ على
جواز إيقاف أجهزة الإنعاش.
5.
إن المرض والشفاء بيد الله تعالى, والعلاج
والتداوي أخذ بالأسباب فلا يأس من روح الله, وعلى الأطباء وذوي المرضى تقوية
معنويات المريض.
6.
ما يسمى (موت الرحمة) هو نوع من أنواع القتل,
سواءً مارسه الطبيب بإذن المريض أو بغير إذنه.
7.
على المريض الاستمرار في تناول الدواء مادام
يظن ويأمل بالشفاء, وليس له ترك التداوي, وإن ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأنه إذا
جزم الأطباء أنه لا يرجى من تناول العلاج لهذه الحالة أمل في الشفاء، فلا يجب على
المريض الاستمرار في تناول العلاج.
(
[1]) أحكام التداوي والحالات
الميؤوس منها, محمد علي البار, ص68.
[2] سورة الأنعام: آية 151
([3]) البخاري الأرقام(1655, 4141, 4144, 5230) .
([4]) البخاري طب,(56) مسلم, إيمان(175), أحمد (2/254).
([5]) صحيح البخاري الأرقام
(1298, 2742).
([6]) المنهاج ومعه شرحه مغني المحتاج(4: 13).
([7]) أحكام التداوي, محمد علي البار ص101 .
هدا ماوجدت وشكرا على الموضوع