اعتبر الخبير الاقتصادي في البنك الدولي محمد حمدوش هذا الخميس طبيعة العلاقات بين الجزائر وروسيا إستراتيجية دائمة ووطيدة نظرا لنوعية وأهمية العقود التي تربط بين البلدين على اعتبار روسيا الممول الرئيسي والأساسي في مجال الأسلحة والدفاع مؤكدا سعي روسيا على تطوير علاقاتها مع الجزائر من أجل استرجاع نفوذها في القارة الإفريقية.
وأوضح محمد حمدوش لدى نزوله ضيفا على القناة الإذاعية الأولى انه خاصة بعد الزيارة الأخيرة لرئيس الفيدرالية الروسية دمتري ميدفيديف والتي توجت بالتوقيع على 6 اتفاقيات شراكة بين البلدين ستتطور العلاقات التجارية أكثر خاصة وأن الشركات الروسية مهتمة هذه المرة بمجال الاستغلال والبحث عن الطاقة بعد غيابها خلال 10 سنوات الأخيرة فضلا عن اهتمام رجال الأعمال والمؤسسات المالية بالسوق في الجزائر.
وأشار المتحدث إلى أن التعاون بين البلدين أخذ اتجاهين فبعدما كان من اتجاه الجزائر إلى روسيا أصبح اليوم معاكسا من روسيا إلى الجزائر مذكرا بأن الجزائر عرفت أزمة مالية بعد 1991 -1992 نتيجة للديون التي كانت بينها وبين روسيا والناتجة عن عقود التسلح لتتحول هذه الديون إلى علاقات تجارية قامت على إثرها الجزائر ببيع سلع ومود إلى روسيا.
وهذه العلاقة والتعاون – يضيف الخبير الاقتصادي – أعطيا فرصة لرجال الأعمال الجزائريين خلال تلك الفترة للتعرف على الأسواق الروسية التي تعد موازية لسوق أوروبا في مختلف القطاعات وهذه العلاقة استمرت 10 سنوات مما جعلت المؤسسات الرسمية الروسية تعرف جودة الإنتاج الجزائري وطريقة التعامل معه .
وبخصوص مدى تأثير المنافسة الموجودة بين الجزائر وروسيا في مجال تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي المميع على سير العلاقات الثنائية أوضح حمدوش أن المنافسة تتعلق بالأنابيب وروسيا تمول أوروبا بنسبة 30 بالمائة بالغاز عن طريق 3 أنابيب عبر مناطق البلطيق وألمانيا والشمال والجزائر عن طريق ايطاليا بنسبة 10 بالمائة بعد النرويج التي تمول أوروبا ب 20 بالمائة مضيفا أنه هناك صراعات بين روسيا والدول المجاورة لها في إطار نقل الغاز عن طريق الأنابيب مما أثر على تمويل أوروبا حيث جعل هذه الأخيرة تبحث عن حل وسيط لهذه الأزمات وهو الجزائر خاصة فيما يتعلق بالتمويل عن طريق الغاز المميع بصفة متكررة.
وابرز الخبير في ذات السياق أن هذه المنافسة لن تعكر صفو العلاقات بين البلدين لأن روسيا هدفها هو التنسيق ولذلك من المتوقع أن يكون توحيد الأهداف والنظرة الإستراتيجية مطروحا على الطاولة معتبرا أن السوق الآن لروسيا فيما يخص تمويل أوروبا والمستقبل يبقى دائما لروسيا في حين أن الجزائر ستتمكن من خلال مشاريعها المستقبلية في غضون 2020 من بسط نفوذها وبالتالي انه لا مناص الآن من تحديد الأهداف الإستراتيجية لتحقيق التوافق في الأسعار.
وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات الجزائرية الروسية أكد حمدوش على أنها سترتقي أكثر في المجال الاقتصادي من خلال رجوع روسيا بقوة في قطاعين هما قطاع استغلال المحروقات في الجزائر لأن ما يهمها خاصة التواجد في إفريقيا واسترجاع نفوذها لما عرفته من صراع جيو سياسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي مع حلفائها القدماء خاصة الجزائر التي تحتل مركزا هاما داخل هذه القارة.
أما القطاع الثاني يتعلق بالمؤسسات الاستثمارية والمالية منها البنوك التي ستمكن روسيا –حسب المتحدث- من معرفة مردودية القطاعات والعلاقات التي تضبط الإدارة وسيسمح لها هذان القطاعان من بناء قاعدة أعمال في المستقبل .