أكّد نواب المجلس الشعبي الوطني، هذا الثلاثاء، أنّ العرض المرتقب لبيان السياسة العامة للحكومة في الـ21 من الشهر الجاري، يشكّل منعرجا حاسما لتقييم وإثراء الخطة التنموية التي باشرتها الجزائر عبر المخطط الخماسي (2010 – 2014).
وفي تصريحات خاصة بـ”موقع الإذاعة الجزائرية”، رأى النائب “بوزيد شيباني” عن كتلة التغيير، أنّ استعراض السياسة العامة مبادرة جيدة بعد انقطاع كبير شهده المجلس.
ويشدّد النواب الذين تحدثوا إلى “موقع الإذاعة الجزائرية” على أنّهم سيعملون على استخدام كل الوسائل القانونية المُتاحة لحمل الحكومة على عرض بيان السياسة العامة كل سنة، وقالوا بهذا الشأن:”لو أنّ بيان السياسة العامة يأتينا كل عام، لكان بالإمكان ترشيد الإنفاق وإنهاء مشروع ضخم بحجم ميترو الجزائر في أقلّ مدة، ولما لا النسج على منوال إيران التي أنجزت ميترو الأنفاق في ظرف ثلاث سنوات فحسب”.
وأوضح شيباني أنّ نواب كتلته سيستغلون الفرصة كي يقوموا بتنبيه الحكومة إلى النقائص الموجودة في تنفيذ مختلف برامج المخطط الخماسي (2010 – 2014).
وأشار شيباني إلى اهتمام نواب كتلة التغيير بالتركيز على ملف الفساد المنتشر بكثرة، فضلا عن رداءة إنجاز بعض المشاريع، متوقعا أن يكون النقاش محتدما، لكنّه ألّح على ضرورة تمكين النواب من الإطلاع على بيان السياسة العامة في وقت كاف حتى يمكن للنواب مناقشته بالشكل المطلوب.
من جانبه، يذهب “فيلالي غويني” النائب عن كتلة حركة الإصلاح الوطني، إلى أنّه كان يأمل أن يتم تمكين أعضاء الغرفة التشريعية السفلى من الاطلاع على قانون ضبط الميزانية قبل المرور إلى بيان السياسة العامة.
ويرى غويني أنّ قانون ضبط الميزانية هو الأداة القانونية لتتبّع أداءات الحكومة ورواقات صرف الأموال، وعليه يجزم غويني بعدم معقولية مناقشة بيان السياسة العامة بمعزل عن هذه الآلية.
وبمقابل تثمينه عرض مخطط عمل الحكومة الأسبوع القادم، لاحظ غويني أنّ بقاء السياسة العامة من دون عروض منذ ماي 2005، معطى لم يمكّن النواب من تتبّع أداءات الجهاز التنفيذي وسيرورة المشاريع الحكومية.
ويتوقع غويني شأنه في ذلك شيباني أن يشهد المجلس الشعبي الوطني في الفترة ما بين 23 و26 من الشهر الجاري نقاشات ساخنة، كاشفا أنّ نواب كتلة حركة الإصلاح الوطني سيتطرقون إلى جملة من الملفات الكبرى التي تتعلق بصميم صلاحيات الوزير الأول.
واستنادا إلى غويني، فإنّ نواب الإصلاح سيتناولون مجموعة من انشغالات الرأي العام الوطني، مثل التهاب أسعار المواد الأكثر استهلاكا، الشغل، السكن، الحريات والإعلام.
في السياق ذاته، بارك “الأمين بلامين” النائب عن كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، عرض بيان السياسة العامة، ووصف الخطوة بـ”الهامة” و”اللبنة الأساسية” في المسار التشريعي.
ويقول بلامين أنّ عرض الوزير الأول “أحمد أويحيى” لحصيلة عمل الطاقم الحكومي، سيفسح المجال أمام نواب الشعب للوقوف على ما وصل إليه الشوط الأول من المخطط الخماسي (2010 – 2014)، ويسجل بلامين أنّ ما سينتجه عرض بيان السياسة العامة من مساجلات ظاهرة صحية تخدم الحركية البرلمانية.
وعلى غرار نواب الكتل الأخرى، يحيل “علي براهيمي” النائب عن كتلة الأحرار، أنّ بيان السياسة العامة هو فرصة لتقييم حصيلة التسيير وما تمّ إنجازه، فضلا عما بقي عالقا.
ويحوصل براهيمي مقاربته للتعاطي النيابي مع البيان إياه، بأنّها ستخص رأسا ملفات الفساد والحريات وكذا الجبهة الاجتماعية وما يتصل بالقدرة الشرائية.
بدوره، يشير النائب منصور عبد العزيز رئيس كتلة التغيير، أنّ بيان السياسة العامة إجراء مفصلي أتى ليتجاوز فراغات سابقة، معلّقا:”الخطة التي لا تتابعها، لا تنجزها”.
وقدّر عبد العزيز أنّ المخططين الخماسيين السابقين عانى كلاهما من اقتصار التقييم على سنتيهما الأخيرتين، في وقت كان يتعيّن متابعتهما كل عام على سبيل تعديل الخطط، وتفادي الأضرار وتقويم الأخطاء.
وعليه يدعو عبد العزيز إلى عرض سنوي لمختلف أشواط المخطط الخماسي المقبل، حتى يتعاون البرلمانيون مع أعضاء الجهاز التنفيذي على أسباب الربح أو الخسارة.
ويشرح عبد العزيز أنّ عرض بيان السياسة العامة، يمثل فرصة للتعرض إلى الأسباب الحقيقية لتأخر مختلف المشاريع ورداءة بعضها، حتى يجري التخفيف من المبالغ المرصودة لإعادة التقييم.
ويقدّر النائب المذكور أنّه لو تمّ التعرف إلى أسباب عدم إتمام المشاريع، لكان ممكنا تفادي العودة إلى إعادة التقييم وضخ ما قيمته 30 بالمائة من قيمة المشاريع.
ويتصور عبد العزيز أنّ الـ286 مليار دولار المخصصة للمخطط الخماسي الساري المفعول، هي في حقيقة الأمر 130 مليار دولار، طالما أنّ ثلث القيمة المذكورة تمّ تسخيرها لإعادة التقييم، وهذا مرده عدم متابعة المشاريع، على حد قوله.
ويلتقي شيباني مع عبد العزيز في حتمية تكريس عرض بيان السياسة العامة كإجراء سنوي دائم، خصوصا وأنّ البرلمان هيئة رقابية، مثلما أنّ أساس النجاح في أي بلد هو الشفافية، وعدم عرض بيانات السياسة العامة يفوت فرص متابعة التنمية، تماما مثل عدم اطلاع نواب الشعب على فحوى قانون ضبط الميزانية.